للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يشكرون حلمه [١] على السلامة من ريب المنون والأفواه تنطق بشكر الله إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ [٢]

وقد بهتوا لما رأوه من نعم الله التى تنوّعت له- خلد الله ملكه- حتى أتت كلّ نعمة فى وقتها، وعظمت فى عيونهم آيات الله سبحانه، ولسان الأقدار يتلو وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها [٣]

فلما نظروا بالأمس فى إنجاد الملائكة للعساكر المنصورة آية كبرى، شاهدوا اليوم من سعادة هذا الملك الذى بنت له الأقدار بين السماء والأرض [٥١] مدينة فقالوا: هذه آية أخرى، واستقلّوا ما مرّوا به من المدائن والأمصار، وغدوا وعيونهم فى جنة وقلوبهم فى نار، واستصغروا ملكهم المخذول وملكه، وقالوا: غير عجيب لمن أقدم على هذا الملك أن يبدد جمعه، ويفرط سلكه، وتحققوا أنه من أوتى هذا السعد لا يؤخّر- إن شاء الله- إمساك كبيرهم وهلكه، ونودوا أن شاطروه فى السلاسل والقيود، والسيف يقول: ليس الأمر لمن يسمى- خديعة- محمودا، محمود ووصل مولانا السلطان تربة والده السلطان الشهيد- قدس الله روحه- وأمراؤه قد بذلوا فى محبته نفائس النفوس، وجزيل الأموال، وأخاير الذخائر، وركبوا بالأمس للمناضلة عن دولته فى سبيل الله، وقد بلغت القلوب الحناجر، وترجّلوا اليوم فى خدمته تعظيما لشعائر سلطنته، وطلعوا فى سماء المعالى كالنجوم الزواهر، وصعد- خلد الله ملكه- تربة والده- رضى الله عنه- وأنوار النصر على أعطاف مجده لائحة، ودخلها فلولا خرق العوائد لنهض من ضريحه وصافحه، وشكر مساعيه التى اتصّلت بها أعماله، وكيف لا وهى أعمال صالحة [٥٢] ، وقصّ مولانا السلطان- خلد الله ملكه- عند قبره المبارك من غزوته أحسن القصص، وأسهم من بركة جهاده أوفر الحصص، فلو استطاع- رحمه الله- أن ينطق لقال:

هذا الولد البار، والملك الذى خلفنى وزاد فى نصرة الإسلام وكسر التّتار،


[١] كذا فى ص، ف.
[٢] سورة غافر آية ٧١.
[٣] سورة الزخرف آية ٤٨.