للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نائب السلطنة يومئذ عشرة آلاف دينار، وأعطى غيره، وأقلّ ما بذل خمسماية دينار عينا فيما بلغنى، فمال إليه المماليك السلطانية، واعتنوا به، وتكلم الأمير جمال الدين/ (٤٢) آقش الأشرفى مع السلطان فى أمره، وتلطف غاية التلطف من غير أن يأخذ منه مصانعة، ولا قبل له بذلا، ولا حسّن للسلطان إبقاءه، وقال للسلطان: هذا مطّلع على أموال بيبرس ومتاجره، وهى كثيرة ببلاد الفرنج وغيرها، ومتى مات ضاعت على السلطان، فلم يزل يتلطف إلى أن رسم السلطان بالإفراج عنه، ورسم له أن ينظر الخاصّ بالوجه القبلى وهو الخاصّ الذى كان لبيبرس فى زمن إمرته، وأقرّ له فى السلطنة، فسأل كريم الدين المذكور شهاب الدين أحمد بن (على بن) [١] عبادة- وكيل الخاص الشريف السلطانى- أن يكون وكيله فيما يختص بنفسه، فأجابه إلى ذلك ووكّله، وكان يتردد إلى خدمته فى كل يوم، ويسلك معه من الآداب ما لا مزيد عليه، ولا يخرج عن أمره، وهو مع هذا يجتمع بالمماليك السلطانية، ويتقرب إليهم بالهدايا والألطاف، ويبذل لهم الرغبات، فرسم له بنظر ديوان الملك المنصور «علاء الدين على» [٢] ولد السلطان.

ثم مرض شهاب الدين أحمد بن عبادة ومات فى سنة عشر وسبعماية، فتكلم الأمراء المماليك السلطانية مع السلطان فى أمره، فوكّله وجعله ناظر خواصّه على عادة شهاب الدين بن عبادة، وذلك فى جمادى الأولى سنة عشر وسبعماية، فباشر هذه الوظيفة، وخدم الأمراء، وبالغ فى ذلك، وأفرد السلطان لخاصّة ثغر الإسكندرية، فاستقل كريم الدين بمباشرته، وانفرد به دون وزير الدولة وغيره، وأخذ من السلطان مالا للمتجر، فحصل منه فوايد كثيرة، وأخذ أمره فى/ (٤٣) التّمكّن، وانتمى إلى الأمير سيف الدين طغاى الحسامى [٣] الناصرى، فكان يحمل إليه الألطاف والتحف، ويبالغ فى خدمته، وهو يقربّه من


[١] الزيادة من الدرر (١/٢١٠) وله فيها ترجمة مطولة، ووفاته فى سنة ٧١٠ هـ.
[٢] علاء الدين على بن الناصر محمد بن قلاوون لم يكن للناصر حين عاد من الكرك ولد غيره فكان يحبه كثيرا، توفى سنة ٧١٠ (الدرر ٣/١١٥) .
[٣] كان من مماليك الناصر، وتمكن منه إلى الغاية، ثم نقم الناصر عليه فاعتقله بالإسكندرية فمات بها فى سنة ٧١٨ هـ- ترجمته فى الدرر (٢/٢٢١ و ٢٢٢) .