للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا فردة الحسن مالى منك مذكلفت ... نفسى بحبّك إلّا الهمّ والحزن

نور تولّد من شمس ومن قمر ... حتى تكامل فيك «١» الروح والبدن

قالت عريب: فما سمعت مثل ما سمعت منها قط وأعلم أنى لا أسمع مثله أبدا.

وروى عن خشف الواضحيّة قالت: تماريت أنا وعريب في غناء عليّة بحضرة المتوكل أو غيره من الخلفاء. فقلت أنا: هى ثلاثة وسبعون صوتا، وقالت عريب:

هى اثنان وسبعون صوتا. فقال المتوكل: غنيّا غناءها؛ فلم أزل أغنّى غناءها حتى مضى اثنان وسبعون صوتا، ولم أدر الثالث والسبعين. قالت: فقطع بى واستعلت عريب وانكسرت. قالت خشف: فلما كان الليل رأيت عليّة فيما يرى النائم، فقالت: يا خشف خالفتك عريب في غنائى. قلت: نعم يا سيّدتى.

قالت: الصواب معك، أفتدرين ما الصوت الذى أنسيتيه؟ قلت: لا ولله، ولوددت أنّى فديت ما جرى بجميع ما أملك. قالت: هو:

بنى الحبّ على الجور فلو ... أنصف المعشوق فيه لسمج

ليس يستحسن في وصف الهوى ... عاشق يعرف تأليف الحجج

وقليل الحبّ صرفا خالصا ... لك خير من كثير قد مزج

وكأنها قد اندفعت تغنّى به، فما سمعت أحسن مما غنّته، وقد زادتنى فيه أشياء في نومى لم أكن أعرفها، فانتبهت وأنا لا أعقل فرحا به. فباكرت الخليفة وذكرت له القصّة. فقالت عريب: هذا شىء صنعته أنت لما جرى أمس، وأمّا الصوت فصحيح. فحلفت للخليفة بما رضى به أنّ القصّة كما حكيت. فقال:

رؤياك والله أعجب، رحم الله عليّة! فما تركت ظرفها حيّة ولا ميّتة. وأجازنى جائزة سنيّة.