للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال له عدىّ: كأنك يابن اللّخناء تمنّ علينا، [علىّ وعلىّ «١» ] إن جمعنا وإياك سقف بيت أو صحن دار عند أمير المؤمنين، فقال الأحوص: أو لا تحتمل لأبى يحيى الزّلّة والهفوة، وكفّارة يمين خير من لجاج في غير منفعة. فتحوّل عدىّ وبقى الأحوص. وبلغ الوليد ما جرى بينهم، فدعا ابن سريج فأدخله بيتا وأرخى دونه سترا ثم أمره إذا فرغ الأحوص وعدىّ من كلمتيهما أن يغنّى، فلما دخلا وأنشداه مدائح لهما فيه، رفع ابن سريج صوته من حيث لا يرونه وضرب بعود. فقال عدىّ: يا أمير المؤمنين، أتأذن لى أن أتكلّم؟ قال: قل يا عاملىّ، قال: مثل هذا عند أمير المؤمنين ويبعث إلى ابن سريج يتخطّى رقاب قريش والعرب من تهامة إلى الشأم ترفعه أرض وتخفضه أخرى ليسمع غناءه! قال: ويحك يا عدىّ! أو لا تعرف هذا الصوت؟ قال: لا والله ما سمعته قط ولا سمعت مثله، ولولا أنه فى مجلس أمير المؤمنين لقلت طائفة من الجنّ يتغنّون، فقال: اخرج عليهم، فخرج فإذا ابن سريج. فقال عدىّ: حقّ لهذا أن يحمل! حقّ لهذا أن يحمل! ثلاثا، ثم أمر لهما بمثل ما أمر به لابن سريج وارتحل القوم.

وروى أبو الفرج أيضا عن سهل بن بركة وكان يحمل عود ابن سريج قال:

كان على مكة نافع بن علقمة الكنانىّ فشدّد في الغناء والمغنّين والنبيذ ونادى فى المخنّثين. فخرج فتية من قريش إلى بطن محسّر «٢» وبعثوا برسول لهم، فجاءهم براوية من شراب الطائف، فلما شربوا وطربوا قالوا: لو كان معنا ابن سريج تم سرورنا، فقلت: هو علىّ لكم، فقال لى بعضهم: دونك هذه البغلة فاركبها وامض إليه، فأتيته فأخبرته بمكان القوم وطلبهم إيّاه؛ فقال لى: ويحك! وكيف لى بذلك