للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتولّت حمولها واستقلّت ... لم تنل طائلا ولم تقض دينا

ولقد قلت يوم مكّة لمّا ... أرسلت تقرأ السلام علينا

أنعم الله بالرسول الذى أر ... سل والمرسل الرسالة عينا

قال: فضحكت ثم قالت: وأنت يا غريض فأنعم الله بك عينا وأنعم بابن أبى ربيعة عينا، لقد تلطّفت «١» حتى أدّيت إلينا رسالته، وإنّ وفاءك له لمما يزيدنا رغبة فيك وثقة بك. وكان عمر سأل الغريض أن يغنّيها بشعره هذا لأنه كان قد ترك ذكرها لمّا غضبت بنو تيم من ذلك، فلم يحبّ التصريح بها وكره إغفال ذكرها. فقال له عمر بن أبى ربيعة: إن أبلغتها هذه الأبيات في غناء فلك خمسة آلاف درهم، فوفّى له، وأمرت له عائشة بخمسة آلاف درهم. ثم انصرف الغريض من عندها، فلقى عاتكة بنت يزيد بن معاوية امرأة عبد الملك بن مروان وقد كانت حجّت فى تلك السنة؛ فقال لها جواريها: هذا الغريض. فقالت لهنّ: علىّ به؛ فجئن به إليها. قال الغريض: فلما دخلت سلّمت فردّت علىّ وسألتنى عن الخبر، فقصصته «٢» عليها. فقالت: غنّنى بما غنّيتها به، ففعلت؛ فلم أرها تهشّ لذلك؛ فغنيتها معرّضا ومذكّرا بنفسى في شعر مرّة بن محكان السّعدىّ يخاطب امرأته وقد نزل به أضياف:

أقول والضيف مخشىّ ذمامته «٣» ... على الكريم وحقّ الضيف قد وجبا

يا ربّة البيت قومى غير صاغرة ... ضمّى إليك رحال القوم والقربا

فى ليلة من جمادى ذات أندية ... لا يبصر الكلب في ظلمائها الطّنبا

لا ينبح الكلب فيها غير واحدة ... حتى يلفّ على خيشومه الذّنبا