للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وقال يزيد يوما لسلّامة وحبابة: أيّكما غنّتنى ما فى نفسى فلها حكمها.

فغنّت سلّامة فلم تصب ما فى نفسه؛ وغنّت حبابة بشعر ابن قيس الرّقيّات:

حلق من بنى كنانة حولى ... بفلسطين يسرعون الرّكوبا

جزعت [١] أن رأت مشيبى عرسى ... لا تلومى ذوائبى أن تشيبا

فأصابت ما فى نفسه، فقال: احتكمى. قالت: تهب لى سلّامة ومالها. قال:

اطلبى غيرها؛ فأبت غيرها؛ فقال: أنت أولى بها ومالها، فلقيت سلّامة من ذلك أمرا عظيما. فقالت حبابة: لا ترين إلّا خيرا. فجاءها يزيد فسألها أن تبيعه إيّاها بحكمها. فقالت: أشهدك الآن أنها حرّة، فاخطبها الآن أزوّجك مولاتى.

قال: وغنّت حبابة يوما يزيد:

ما أحسن الجيد من مليكة والّ ... لبّات إذ زانها ترائبها

يا ليتنى ليلة- إذا هجع النا ... س ونام الكلاب- صاحبها

فى ليلة لا يرى بها أحد ... يسعى علينا إلّا كواكبها

فطرب يزيد، وقال: هل رأيت قطّ أطرب منّى؟ قالت: نعم، ابن الطيار معاوية ابن عبد الرحمن بن جعفر. فكتب يزيد الى عبد الرحمن بن الضحّاك فحمله إليه.

فلما قدم أرسلت إليه حبابة: إنما بعث إليك لكذا وكذا وأخبرته بالقصة؛ فإذا أدخلت عليه وتغنّيت فلا تظهرنّ طربا حتى أغنّى الصوت الذى غنيّته؛ فقال: سوءة على كبر السنّ! فدعاه يزيد وهو على طنفسة خزّ، ووضع لمعاوية مثلها، وجاءوا بجامين فيهما مسك، فوضع أحدهما بين يدى يزيد والآخر بين يدى معاوية. قال معاوية:

فلم أدر كيف أصنع، فقلت: أنظر كيف يصنع فأصنع مثله؛ فكان يقلّبه فتفوح


[١] فى الأغانى: «هزئت» .