للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكى أحمد بن جعفر بن حامد قال: لمّا توفّى عمّى محمد بن حامد، صار جدّى إلى منزله، فنظر إلى تركته وجعل يقلّب ما خلّف، ويخرج إليه منها الشىء بعد الشىء، إلى أن أخرج إليه سفط مختوم؛ ففضّ الخاتم وفتحه، فاذا فيه رقاع عريب إليه؛ فجعل يتصفّحها ويبتسم، فوقعت فى يده رقعة فقرأها ووضعها بين يديه، وقام لحاجته؛ فقرأتها فإذا فيها:

ويلى عليك ومنكا! ... أوقعت فى الحقّ شكّا

زعمت أنّى خؤون ... جورا علىّ وإفكا

إن كان ما قلت حقّا ... أو كنت أزمعت تركا

فأبدل الله ما بى ... من ذلّة الحبّ نسكا

قال: وهذا الشعر لعريب.

وامّا أخبارها مع المأمون وإخوته وغير ذلك من أخبارها- قال صالح ابن علىّ بن الرشيد المعروف بزعفرانة: تمارى خالى أبو علىّ والمأمون فى صوت، فقال المأمون: أين عريب؟ فجاءت وهى محمومة، فسألها عن الصوت؛ فقالت فيه بعلمها. فقال لها: غنّيه. فولّت لتجىء بالعود؛ فقال: غنّيه بلا عود. فاعتمدت من الحمّى على الحائط وغنّت، وأقبلت عقرب فرأيتها وقد لسبت يدها مرّتين أو ثلاثا، فما نحّت يدها ولا سكتت حتى فرغت من الصوت؛ ثم سقطت وقد غشى عليها.

قال عثمان بن العلاء عن أبيه: عتب المأمون على عريب فهجرها [١] أياما؛ ثم اعتلّت فعادها فقال: كيف وجدت طعم الهجر؟ فقالت: يا أمير المؤمنين، لولا مرارة


[١] كذا فى الأغانى. وفى الأصل: «فهجرته» .