السّنة، وجعلها ما بين نومة عين وانتباهتها فى أقرب من سنة، وردّ إباقها على المسلمين بعد أن أقامت هاربة عند الكفار مائة سنة وستّا وثمانين سنة؛ والله يلحق بها فى الفتح أخواتها من المدن، ولا يلبث إن شاء الله هاديا بها بعدها مثل عكّاء وصور وصيدا حتى يراهنّ الى قبضته قد عدن، إن شاء الله تعالى.
وكتب إلى الأمير حسام الدين طرنطاى عن الأمير بدر الدين بيدرا فى ذلك:
المملوك يهنئ بهذا الفتح الذى كادت به هذه الغزوة تزهو على غيرها من الغزوات وتتيه، وأشرقت الأرض بنور ربها ابتهاجا بما أمضاه الله منه وما سيمضيه، وبما سيعطيه حتى يرضيه، وذلك أن فتح طرابلس التى طالما شمخت بأنفها على الملوك، وكم أبت على مستفتح فما قال لغيره إباؤها: لله أبوك؛ وأخّر الله مدّتها إلى خير الأزمان، وفتحها على يدى سلطاننا الذى حقّق الله به آمالا تنفذ إلا منه بسلطان.
فالحمد لله الذى عضد هذا الملك من مولانا بخير من دبّره، وحماه منه بأقطع حسام جرّده الله لنقض ما أمرّه؛ وما من فتوح ولا أمر ممنوح إلا ومولانا منضّد عقوده، ومجهّز بريده، ومطلع سعوده؛ ورافع علمه، وممضى سيفه ومرضى قلمه. فأمتع الله الأمة من مولانا السلطان بسلطان يستردّ لهم الحقوق ويتقاضى الديون، وأمتع الله سلطانها من مولانا بمن آراؤه أقفال الممالك وسيوفه مفاتيح الحصون.
ومن إنشاء المولى شهاب الدين محمود الحلبى ما كتب به عن الأمير سيف الدين سلّار نائب السلطنة الشريفة إلى النائب بقلعة الجبل عند كسرة التتار بمرج الصّفّر فى شهر رمضان سنة اثنتين وسبعمائة:
وبشّره بالفتح الذى أعاد الله به الأمة خلقا جديدا، والنصر الذى أنزل الله فيه من الملائكة أنصارا للملّة وجنودا، والظفر الذى أطفأ الله به من نار الكفر ما لم يكن