للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يرهب خمودا، والغزوة التى زلزل الله بها جبال أهل الشرك وقد تدفّقت على الأرض أمثال البحار عددا وعديدا. المملوك يقبّل اليد العالية التى لها من هذه النّصرة وإن لم تبلغها أجر الرامى المسدّد سهمه، المعجّل من التهانى غنمه، الموفّر من المحامد الجزيلة قسمه؛ ويهنّىء المولى بهذا الفتح الذى مدّ الله به على الأمة جناح رحمته وفضله، ومنّ على أيّامنا الزاهرة فيه بالشأم وأهله، وبرز فيه الإسلام كلّه للشرك كلّه. ولله الحمد الذى أعز دينه ونصره، وحصد بسيوف الإسلام عدوّ دينه بعد أن حصره؛ وأباد جيوش الشّرك وهم مائة ألف أو يزيدون، وأفنى أحزاب أهل الكفر وكانوا أمثال الرمال لا يعدّون؛ وينهى أنّ علمه الكريم قد أحاط بما كان من أمر هذا العدوّ المخذول ودخوله إلى البلاد المحروسة بجيوشه وكتائبه وجموعه وجنوده من أشياع أهل الكفر وأحزاب الشرك. ولما تواصلت الأخبار بقربه، واستعداده بحزبه، ومهاجمته البلاد، وإيقاع الرّعب فى قلوب أهلها بالتنوّع فى الفساد؛ ساق الرّكاب الشريف فى طلبه يطوى المراحل، ويقطع فى كلّ يوم منزلتين بل منازل.

ولما حلّ الركاب الشريف بمرج الصّفّر على مرحلة من دمشق المحروسة فى يوم السبت مستهلّ شهر رمضان المعظّم زيّنت العساكر المنصورة للقاء حال وصولها، واستعدّت للحرب دون تشاغل بأسباب نزولها؛ فوافى العدوّ المخذول فى مائة ألف من جيوش تسيل كالرمال، وتعلو الجبال بأشدّ من الجبال؛ وحين وصلوا حملوا على الميمنة بجملتهم، وقصدوا إزاحتها عن موقفها بحملتهم؛ فتلقّتهم الجيوش المنصورة بنفوس قد بايعت الله على لقاء عدوّ الله وعدوّها، ووثقت بما أعد الله لها من الجزاء فى رواحها فى سبيله وغدوّها؛ وصدمتهم صدمة كسرت حدّهم، وأوهنت شدّتهم وشدّهم؛ وأزالت طمعهم، وأبانت ظلعهم؛ وسالت [١] عليهم الجيوش المنصورة من


[١] فى الأصل. «وأسالت» .