الدنيا فهو تبع لما معى. فقال عمر: صدقت، رحمك الله.
وقدم رسول الله صلى الله وسلم من سفر، فدخل على فاطمة رضى الله عنها فرأى على باب منزلها سترا وفى يديها قلبين من فضّة فرجع. فدخل عليها أبو رافع وهى تبكى، فأخبرته برجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فسأله أبو رافع فقال:«من أجل الستر والسّوارين» :
فأرسلت بهما بلالا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت: قد تصدّقت بهما فضعهما حيث ترى. فقال:«اذهب فبعه وادفعه إلى أهل الصّفّة»
. فباع القلبين بدرهمين ونصف وتصدّق بهما عليهم. فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«بأبى أنت قد أحسنت» . وقال الحسن: أدركت سبعين من الأخيار ما لأحدهم إلا ثوبه، وما وضع أحدهم بينه وبين الأرض ثوبا قطّ، كان إذا أراد النوم باشر الأرض بجسمه وجعل ثوبه فوقه.
المهم الخامس المنكح. قال الغزالىّ: وقد قال قائلون: لا معنى للزهد فى أصل النكاح ولا فى كثرته؛ وإليه ذهب سهل بن عبد الله وقال: قد حبّب إلى سيّد الزاهدين النساء فكيف نزهد فيهنّ! ووافقه ابن عيينة، وقال: كان أزهد الصحابة علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه وكان له أربع نسوة وبضع عشرة سرّيّة.
قال الغزالىّ: والصحيح ما قاله أبو سليمان الدارانىّ إذ قال: كلّ ما شغلك عن الله من أهل ومال وولد فهو عليك مشئوم. والمرأة قد تكون شاغلا عن الله. قال:
وكشف الحقّ فيه أنّه قد تكون العزوبة أفضل فى بعض الأحوال فيكون ترك النكاح من الزهد. وحيث يكون النكاح أفضل لدفع الشهوة الغالبة فهو واجب فكيف يكون تركه من الزهد! وإن لم يكن عليه آفة فى تركه ولا فعله ولكن ترك النكاح احترازا عن ميل القلب إليهنّ والأنس بهنّ بحيث يشتغل عن ذكر الله فترك ذلك من الزهد. وإن علم أن المرأة لا تشغله عن ذكر الله ولكن ترك ذلك احترازا من لذّة النظر والمضاجعة