للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقدته حين تريده للحقّ، وما عدلت به من كرامتك إلى أهل النقص أضرّ بك فى العجز عن أهل الفضل.

وكتب عبد الله بن عبّاس إلى الحسن بن علىّ لمّا ولّاه الناس أمرهم بعد علىّ رضى الله عنهما: أن شمّر للحرب، وجاهد عدوّك، واشتر من الضّنين [١] دينه بما لا يثلم دينك، ووال [٢] أهل البيوتات تستصلح به عشائرهم.

وقال علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه: يجب على الوالى أن يتعهّد أموره ويتفقّد أعوانه حتى لا يخفى عليه إحسان محسن ولا إساءة مسىء، ثم لا يترك أحدهما بغير جزاء، فإنه إذا ترك ذلك تهاون المحسن واجترأ المسىء، وفسد الأمر وضاع العمل.

وقال بعض الحكماء: الملك المنعم إذا أفاض المكارم [٣] واغتفر الجرائم ارتبط بذلك خلوص نيّة من قرب منه وهم الأقل، وانفساح الأمل ممن بعد عنه وهم الأكثر، فيستخلص حينئذ ضمائر الكلّ من حيث لم يصل معروفه إلا إلى البعض.

ولم أر فيما طالعته من هذا المعنى أجمع للوصايا ولا أشمل من عهد كتبه علىّ ابن أبى طالب رضى الله عنه إلى مالك بن الحارث الأشتر حين ولّاه مصر، فأحببت أن أورده على طوله وآتى على جملته وتفصيله، لأن مثل هذا العهد لا يهمل، وسبيل فضله لا يجهل؛ وهو:

هذا ما أمر [به [٤]] عبد الله علىّ أمير المؤمنين إلى مالك بن الحارث الأشتر فى عهده إليه حين ولاه مصر: جباية خراجها، وجهاد عدوّها، واستصلاح أهلها، وعمارة بلادها، أمره بتقوى الله وإيثار طاعته واتّباع ما أمر به فى كتابه من فرائضه وسننه التى


[١] فى الأصل هكذا: «واستر الصين» وهو محرف عما أثبتناه عن عيون الأخبار والعقد الفريد.
[٢] وال: ناصر وصادق.
[٣] فى الأصل «المكاره» وسياق الكلام يقتضى ما وضعنا.
[٤] زيادة عن نهج البلاغة (طبع بيروت ج ٢ ص ٥٠- ٦٨) ، وكذلك كل ما وضع بين هذين القوسين [] فى ثنايا هذا الكتاب.