للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن شغله ما هو أهمّ؛ فإن الملك لا يقيم لوزيره عذرا إذا وجده فى أغراضه مقصّرا، وإن كان على مصالح ملكه متوفّرا؛ فإنّه اتخذه لنفسه ثم لملكه؛ وقد يقدّم حظّ نفسه على مصلحة ملكه، لغلبة الهوى ونازع الشهوة. فليكن متوفّرا على مراده ليسلم اعتقاده له. فإن قدحت أغراضه فى دين أو عرض سلّ الوزير نفسه من وزرها وتحفّظ من شينها [١] بالتلطّف فى كفّه عنها بما يعتاضه بدلا منها، ليسهل عليه إقلاعه عنها. فإن ساعده الملك عليها سلم دينهما، وزال شينهما.

فقد روى عن النبىّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن لله خزائن للخير والشرّ مفاتيحها الرجال فطوبى لمن جعله الله مفتاحا للخير مغلاقا للشرّ وويل لمن جعله الله مفتاحا للشر مغلاقا للخير»

. وقال الشاعر:

ستلقى الذى قدّمت للشّرّ محضرا ... وأنت بما تأتى من الخير أسعد

وإن أصرّ الملك عليها فليلن [٢] الوزير فى متاركته، ويحجم عن مساعدته؛ وهو خداع يتدلّس بالمغالطة ويخفى بالحزم؛ فليستنجد فيه عقله، ويستعمل فيه حزمه؛ ليسلم من تنكّره، ويخلص من وزره.

فقد روى عن النبىّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنّ من شرار الناس عند الله يوم القيامة عبدا أذهب آخرته بدنيا غيره»

. والثالث من حذره منه أن يذبّ عن نفسه وملكه بما استطاع من مال ونفس؛ فإنّه [عن نفسه [٣]] يذبّ، ولها يربّ [٤] ؛ فإنّه لا يصلح حاله مع فساد حال ملكه وهو فرع من أصله. وهو [٥] يسترسل لثقته به، ويستسلم لتعويله عليه؛ فليقابل ثقته بأمانته، واستسلامه بكفايته، ولا


[١] كذا فى «قوانين الوزارة» ويرجحه ما يأتى من قوله «سلم دينهما وزال شينهما» وفى الأصل «من شبهتها» .
[٢] كذا يؤخذ من «قوانين الوزارة» ، وفى الأصل «فليكن ... » .
[٣] زيادة من قوانين الوزارة يقتضيها السياق.
[٤] يرب: يصلح.
[٥] الضمير فى «وهو يسترسل ... » يرجع الى الملك.