للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدها [١]] خيّر عاقل يسالم بخيره، ويساعد بعقله؛ فالظّفر به سعادة، والاستعانة به توفيق. فليجتهد [٢] ألّا يفوته وإن كان قليل الوجود، ليحظى بخيره ويسعد بعقله. وقلّ أن يكون الخيّر العاقل إلا متحلّيا بالعلم متزيّنا بالأدب. فإذا أظفره الزمان بمن تكاملت فضائله، وتهدّبت خصائله، فليتّخذه [٢] ذخيرة نوائبه، وعدّة شدائده، يجده كفيل صلاحها، وزعيم نجاحها.

والطور الثانى: شرّير جاهل يضرّ بشرّه، ويضلّ بجهله. فليحذر مخالطته، فهى أضر من السّمّ، وأنفذ من السهم. وشرّه بجهله منتشر يضعف إن تورك، ويقوى إن شورك؛ فليكفف شرّه بالإبعاد، ولا يعزّه بالتقريب، فيلحقه ضررى شرّه وجهله.

وضرر الجهل أعمّ من ضرر الشر؛ لأن قانون الشر معلوم، وقانون الجهل غير معلوم.

والطور الثالث: خيّر جاهل يسالم بخيره، ويضل بجهله؛ فليقاربه [٣] ، إن شاء، لخيره، ولا يستعمله لجهله؛ ليكون بخيره موسوما، ومن جهله سليما.

والطور الرابع: شرّير عاقل وهو الداهية المكر، يستعمل للخطوب إذا حزبت [٤] .

فليكن على حذر من مكره، ويتاركه فى الدّعة على استدفاع لشره.

وقد روى عن النبىّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله يؤيّد هذا الدّين بالرجل الفاجر»

. ومثل هذا يستكفّ بمعونة تمدّه، ومراعاة ترضيه؛ فإنّه كالسّبع الضارى إن أجعته هاج، وإن أشبعته سكن؛ ليكون مذخورا للحاجة؛ فإن للزمان خطوبا لا تدفع إلا بشرار أهله؛ كما قال حذيفة بن اليمان لرجل: أيسرّك أن تغلب شرّ الناس؟ قال: نعم؛ قال:


[١] زيادة عن «قوانين الوزارة» .
[٢] السياق يقتضى صيغة الأمر كما فى «قوانين الوزارة» . والفعل فى الأصل مجرد من لام الأمر.
[٣] السياق يقتضى صيغة الأمر كما فى «قوانين الوزارة» . والفعل فى الأصل مجرد من لام الأمر.
[٤] حزبه الأمر: نابه واشتدّ عليه.