للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنك لن تغلبه حتى تكون شرّا منه. فيعدّ لخطوب الشرّ إن طرقت؛ فإنّه بها أخبر، وعلى دفعها أقدر، ولأهلها أقهر؛ ف «إنّ الحديد بالحديد يفلح» . فيستكفّ إلى حينها بما يدفع عادية شرّه، ويقطع غائلة مكره، وإن كانت ضراوة الشر أجذب، وطباع النفوس أغلب. فإن وجد الوزير من هذا الداهية فتورا فى همّته، وقصورا فى منّته [١] كانت سراية مكره أنزر، وتأثيره فى الخطوب أيسر. وإن كان عالى الهمّة قوىّ المنّة يتطاول إلى معالى الأمور، كانت سراية مكره أوفر، وتأثيره فى الخطوب أكثر.

فليعطه [٢] فى كل حال من أمريه من الحذر والسكون بحسب ما تقتضيه همّته، وتبعث عليه منّته؛ ليكون قانونه معه مستقيما، [ومن دهاء مكره [٣] سليما] ؛ لا يناله خور من سرف، ولا استرسال من تقصير؛ فقد جعل الله تعالى لكل شىء قدرا.

فهذا تفصيل ما اشتمل عليه العقد والحلّ.

وأما التقليد والعزل، وهو الشطر الثانى من شروط وزارة التفويض، فالتقليد على ضربين: تقليد تقرير، وتقليد تدبير.

فأما تقليد التقرير، فهو فيما يستأنف إنشاء قواعده، ويبتدأ تقرير رسومه.

وهو على ثلاثة أقسام:

أحدها: أن يكون فى حاضر يقدر الوزير على مباشرته، فالوزير أخصّ بتقريره، وأحقّ بتنفيذه؛ لأنها أصول مؤبّدة وهى من خواصّ نظره. فإن قلّد عليها واستناب


[١] المنة: القوة.
[٢] السياق يقتضى صيغة الأمر كما فى «قوانين الوزارة» . والفعل فى الأصل مجرد من لام الأمر.
[٣] زيادة عن «قوانين الوزارة» .