للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفسه أن يقوم بحق غيره، وصعب على من ألف إسقاط التكلف أن يحول عنه.

وقد قيل فى حكم الهند: ذو المروءة يرتفع بها، وتاركها يهبط؛ والارتقاء صعب والانحطاط هين، كالحجر الثقيل الذى رفعه عسير وحطّه يسير.

وقال بعض البلغاء: أحسن رعاية ذوى الحرمات، وأقبل على أهل المروءات؛ فإن رعاية [ذوى [١]] الحرمة تدلّ على كرم الشيمة، والإقبال على ذوى المروءة يعرب عن شرف الهمة [٢] . إختبر أحوال من استكفيته لتعلم عجزه من كفايته، وإحسانه من إساءته؛ فتعمل بما علمت من إقرار الكافى وصرف العاجز، وحمد المحسن وذمّ المسىء. فقد قيل: من استكفى الكفاة، كفى العداة. فإن التبست عليك [أمورهم [٣]] أوهنت الكافى وسلّطت العاجز، وأضعت المحسن وأغريت المسىء. ولأن يكون العمل خاليا فتصرف إليه فكرك أولى من أن يباشره عاجز أو خائن فيقبح بهما أثرك.

فاحذر العاجز فإنه مضيّع، وتوقّ الخائن فإنه يكدح لنفسه. قال شاعر:

إذا أنت حمّلت الخؤون أمانة ... فإنك قد أسندتها شرّ مسند

اقتصر فى أعوانك بحسب حاجتك إليهم. ولا تستكثر منهم لتكثر بهم. فلن يخلو الاستكثار من تنافر يقع به الخلل، أو اتّفاق يستأكل به العمل. وليكن أعوانك وفق أعمالك، فإنه أنظم للشّمل وأجمع للعمل وأبلغ فى الاجتهاد وأبعث على النصح.

قال ابن الرومى:

عدوّك من صديقك مستفاد ... فلا تستكثرنّ من الصّحاب

فإنّ الداء أكثر ما تراه ... يكون من الطعام أو الشراب


[١] التكملة عن قوانين الوزارة.
[٢] كذا فى قوانين الوزارة، وفى الأصل: «والإقبال على ذوى المروءة يعرف من شرف المروءة» .
[٣] التكملة عن قوانين الوزارة.