للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فدع عنك الكثير فكم كثير ... يعاف وكم قليل مستطاب

فما اللّجج الملاح بمرويات ... وتلقى الرّىّ فى النّطف العذاب

هذّب نفسك من الدنس تتهذب جميع أتباعك. ونزّه نفسك عن الطمع تتنزه جميع خلفائك. وتوقّ الشره فلن يزيدك إلا حرصا إن أجديت، ونقصا إن أكديت [١] ، وهما معرّة ذى الفضل ومضرّة أولى الحزم.

روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اقتربت [٢] الساعة ولا يزداد الناس فى الدنيا إلا حرصا ولا تزداد منهم إلا بعدا»

. رض نفسك عن الطمع يتنزه جميع عمّالك، وتنتظم بك جميع أعمالك [٣] . ولا تكل إلى غيرك ما تختصّ بمباشرته [٤] طلبا للدّعة، فتعزل عنه نفسك وتؤثر به غيرك؛ فتكون من وفائه على غدر، ومن نفسك على تقصير. قال بزرجمهر: إن يكن الشغل مجهدة، فإن الفراغ مفسدة. وقال عبد الحميد: ما زانك ما أضاع زمانك، ولا شانك ما أصلح شانك.

اجعل زمان فراغك مصروفا إلى حالتين: إحداهما راحة جسدك وإجمام خاطرك، ليكونا عونا لك على نظرك. والثانية أن تفكر بعد راحة جسدك وإجمام خاطرك فيما قدّمته من أفعالك، وتصرّفت فيه من أعمالك: هل وافقت الصواب


[١] أجدى: أصاب الجدوى وظفر بما يريد. والجدوى: العطية. وأكدى: أخفق ولم يظفر بحاجته، أى ان الشره يزيد صاحبه مع الفوز حرصا، ومع الإخفاق نقصا.
[٢] نصه فى الجامع الصغير: «اقتربت الساعة ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصا ولا يزدادون من الله إلا بعدا» . وفى مسند الفردوس للديلمىّ كرواية الاصل إلا أنه يتفق مع رواية الجامع الصغير فى «على الدنيا» بدل «فى الدنيا» .
[٣] كذا فى الاصل والذى فى قوانين الوزارة: «رض نفسك بمشارفة الأعمال يرهبك جميع عمالك وينتظم به جميع أعمالك» .
[٤] فى قوانين الوزارة: «ما يختص بمباشرتك ... » .