للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن زلّ، فما عليه إلا الاجتهاد وإن حجزته الأقدار عن الظّفر. فقد قيل فى منثور الحكم: من كثر صوابه لم يطّرح لقليل الخطأ.

اختر لأسرارك من تثق بدينه وكتمانه، وتسلم من إذاعته وإدلاله، ولو قدرت ألّا تودع سرك غيرك، كان أولى بك وأسلم لك؛ لأنك فيها بين خطر أو حذر.

وقد قيل فى منثور الحكم: انفرد بسرك ولا تودعه حازما فيزلّ، ولا جاهلا فيخون.

تثبّت فيما لا تقدر على استدراكه؛ فقلّما تعقب العجلة إلا ندما.

روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من تأنّى أصاب أو كاد ومن عجل أخطأ أو كاد»

. وقيل فى حكمة آل داود: من كان ذا تؤدة وصف بالحكمة.

وقدّم ما قدرت عليه من المعروف، فقلما يعقب الريث إلا فواتا؛ فإن للقدرة غاية، ولنفوذ الأمر نهاية [١] ، فاغتنمها فى مكنتك تسعد بما قدّمته، ويسعد بك من أعنته.

قال علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه: انتهزوا الفرصة فإنها تمرّ مرّ السحاب.

وقال بعض الحكماء: من أخّر الفرصة عن وقتها، فليكن على ثقة من فوتها.

واحذر قبول المدح من المتملّقين، فإن النّفاق مركوز فى طباعهم، ويداجونك بهيّن عليهم [٢] ؛ فإن نفّقوا عليك غششت نفسك، وداهنت حسّك؛ وأنت أعرف بنفسك من غيرك فيما تستحق به حمدا أو ذمّا. فناصح نفسك بما فيها، فإنك أعلم بمحاسنها ومساويها. فقد قيل فيما أنزل الله تعالى من الكتب السالفة: «عجب لمن قيل فيه الخير وليس فيه كيف يفرح! وعجب لمن قيل فيه الشر وهو فيه كيف


[١] كذا فى قوانين الوزارة، وفى الأصل: «ولنفوذ القدر ... » .
[٢] كذا فى قوانين الوزارة. ولعل المراد بالهين عليهم: المدح الذى لا يكلفهم شيئا. وفى الأصل:
«ويد اخوتك تهون عليهم» وهو ظاهر التحريف.