للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلم يقنع الدهر لى بذلك، ولا رضى بالصدّ والعذل والهجر الذى هو أعظم المهالك؛ حتى قضى بالفرقة والبعاد، ورمتنى النوى بسهم فلم يخطئ الفؤاد؛ وكنت أتعلّل بالنظر، وأقول: مشاهدة هذا الوجه القمرىّ عندى أكبر وطر؛ حتى منعت الوصال والمشاهده، وندبت قلبى القريح بأدمع عينى الجامده

أحباب قلبى لقد قاسيت بعدكم ... نوائبا صيرتنى فى الهوى مثلا

وقد تعجّبت أنّى بعد فرقتكم ... أحيا وأيسر ما لاقيت «١» ما قتلا

وانقطعت عنّى الرسائل، وذهبت لذاذة ما اعتدته من تلك الوسائل

هل مخبر عنكم يعيش بقربه ... ميت الرجا والصبر بعد إياس

أحبابنا قسما بساعة وصلنا ... لم أكتحل من بعدكم بنعاس

غبتم فعندى بالفراق مآتم ... فمتى تعود بعودكم أعراسى

وذوى غصن السرور بعد أن كان رطيبا، وفقدت لنداء ألمى مجيبا؛ وأغلقت باب الدّعه، وأسبلت هواطل أدمعى قائلا للأجفان: لا تخشى فأنت متفقة من سعه؛ ولولا التعلّل بالذكرى، والتأمّل «٢» فى حسنه «٣» الذى تشكّل فى مرآة القلب فسرّ سرّا؛ لقلت:

كأنّك قد ختمت على ضميرى ... فغيرك لا يمر على لسانى

ولى عين تراك وأنت تنآى ... كما ترنو إليك وأنت دانى

وأقرب ما يكون هواك منّى ... إذا ما غاب شخصك عن عيانى