فقال لها: ما يبكيك؟ فقالت: ما لى لا أبكى عليك إذ لم تبك على نفسك، أقعدتها وتذر مرو الرّوذ «١» تجمع بين غارين «٢» من المسلمين؛ فقال: نصحتنى والله فى دينى إذ لم أتنبّه لذلك؛ ثم أمر بفسطاطه فقوّض، فبلغ ذلك مصعبا فقال: ويحكم، من دهانى فى الأحنف؟ فقيل: زبراء، فبعث إليها بثلاثين ألف درهم، فجاءت حتى أرخت عينيها بين يديه؛ فقال: ما لك يا زبراء؟ قالت: عجبت لأحوالك فى «٣» أهل البصرة، تزفّهم كما تزفّ العروس، حتى اذا ضربت بهم فى نحور أعدائهم أردت أن تفتّ فى أعضادهم؛ قال: صدقت والله، يا غلام دع الفساطيط؛ فاضطرب العسكر بمجىء «٤» زبراء مرّتين.
ومن سقطاته التى عدّت عليه أن عمرو بن الأهتم «٥» دسّ إليه رجلا ليسفّهه، فقال له: يا أبا بحر، من كان أبوك فى قومه؟ قال: كان من أوسطهم، لم يسدهم ولم يتخلّف عنهم؛ فرجع إليه ثانية، ففطن الأحنف إلى أنه من قبل عمرو، فقال: