وروى الثعلبىّ بسند رفعه إلى ابن عبّاس وكعب الأحبار ووهب بن منبّه، قالوا جميعا: إن داود- عليه السلام- لما دخل عليه الملكان فقضى على نفسه تحوّلا عن صورتهما، فعرجا وهما يقولان: قضى الرجل على نفسه.
وعلم داود أنه عنى به، فخرّ ساجدا أربعين يوما لا يأكل ولا يشرب ولا يرفع رأسه إلّا لحاجة أو لوقت صلاة مكتوبة ثم يعود ساجدا، لا يرفع رأسه إلّا لحاجة لا بدّ منها ثم يعود، فسجد تمام أربعين يوما لا يأكل ولا يشرب وهو يبكى حتى نبت العشب حول رأسه، وهو ينادى ربه- عز وجل- ويسأله التوبة، ويدعو بدعاء «١» طويل ذكره الثعلبىّ، فى آخر كل كلمة منه:
سبحان خالق النور.
قال: فأتاه نداء: يا داود، أجائع أنت فتطعم، أظمآن أنت فتسقى، أمظلوم أنت فتنصر، ولم يجبه فى ذكر خطيئته بشىء. فصاح صيحة هاج منها ما حوله؛ ثم نادى: يا رب الذنب الذى أصبته. فنودى: يا داود، ارفع رأسك فقد غفرت لك. فلم يرفع رأسه حتى جاء جبريل- عليه السلام- فرفعه.
قال وهب: إن داود- عليه السلام- أتاه نداء: إنّى قد غفرت لك.
قال: يا رب، كيف وأنت لا تظلم أحدا؟ قال: اذهب إلى قبر أوريّاء، فناده وأنا أسمعه نداءك، فتحلّل منه. فانطلق حتى أتى قبره وقد لبس المسوح، فجلس ثم نادى: يا أوريّاء. فقال: لبيّك، من هذا الذى قطع علىّ لذّتى وأيقظنى؟ قال:
أنا داود. قال: ما جاء بك يا نبىّ الله؟ قال: أسألك أن تجعلنى فى حلّ مما كان منّى إليك. قال: وما كان منك إلىّ؟ قال: عرّضتك للقتل. قال: عرّضتنى للجنّة،