فأنت فى حلّ. فأوحى الله تعالى إليه: يا داود، ألم تعلم أنى حكم عدل لا أقضى بالغيب والتغرير «١» ! ألا أعلمته أنك قد تزوّجت امرأته!.
قال: فرجع إليه فناداه؛ فأجابه فقال: من هذا الذى قطع علىّ لذّتى؟ قال:
أنا داود. قال: يا نبىّ الله، أليس قد عفوت عنك! قال: نعم، ولكن إنما فعلت ذلك لمكان امرأتك فتزوّجتها، فسكت ولم يجبه، وعاوده فلم يجبه، فقام عند قبره وحثا «٢» التراب على رأسه ثم نادى: الويل لداود ثم الويل لداود إذا نصبت الموازين القسط [ليوم القيامة «٣» ] ، سبحان خالق النور. الويل لداود ثم الويل الطويل له حين يؤخذ بذقنه فيدفع إلى المظلوم، سبحان خالق النور. الويل لداود ثم الويل الطويل له حين يسحب على وجهه مع الخاطئين إلى النار، سبحان خالق النور. الويل لداود ثم الويل الطويل له حين تقرّبه الزبانية مع الظالمين إلى النار، سبحان خالق النور.
قال: فأتاه نداء من السماء: يا داود، قد غفرت لك ذنبك، ورحمت بكاءك، واستجبت دعاءك، وأقلت عثرتك. قال: يا ربّ، كيف لى أن تعفو عنّى وصاحبى لم يعف عنّى؟ قال: يا داود، أعطيه يوم القيامة ما لم تر عيناه، ولم تسمع أذناه، فأقول له: رضيت عبدى؟ فيقول: يا ربّ، من أين لى هذا ولم يبلغه عملى؟
فأقول له: هذا عوض من عبدى «٤» داود، فأستوهبك منه فيهبك لى. قال: يا رب، الآن قد عرفت أنك قد غفرت لى. فذلك قوله تعالى: فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ «٥» * فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ