ابن مريم أن ينزل عليهم المائدة لبس صوفا وبكى وقال: اللَّهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ
الآية، وارزقنا عليها طعاما نأكله، وارزقنا وأنت خير الرازقين. فنزلت سفرة حمراء بين غمامتين، غمامة من فوقها وغمامة من تحتها، وهم ينظرون إليها وهى تهوى منقضّة حتى سقطت بين أيديهم. فبكى عيسى وقال:«اللهمّ اجعلنى من الشاكرين، اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عقوبة ومثلة «١» » والشهود ينظرون إليها، ينظرون الى شىء لم يروا مثله قطّ، ولم يجدوا ريحا أطيب من ريحه. فقال عيسى عليه السلام: ليقم أحسنكم عملا فيكشف عنها ويذكر اسم الله ويأكل منها.
فقال شمعون الصّفا رأس الحواريّين: أنت أولى بذلك منّا. فقام عيسى عليه السلام فتوضّأ وصلّى صلاة طويلة وبكى بكاء كثيرا وكشف المنديل عنها وقال:
باسم الله خير الرازقين، فاذا هو بسمكة مشويّة ليس عليها فلوسا ولا شوك تسيل سيلا «٢» من الدسم، وعند رأسها ملح، وعند ذنبها خلّ، وحولها من أنواع البقول ما خلا الكرّاث؛ وإذا خمسة أرغفة على واحد منها زيتون، وعلى الثانى عسل، وعلى الثالث بيض، وعلى الرابع جبن، وعلى الخامس قديد. قالوا: فلمّا استقرّت بين يدى عيسى قال شمعون رأس الحواريّين: أنت أولى يا روح الله، أمن طعام الدنيا هذا أم من طعام الآخرة؟ فقال عيسى عليه السلام: ليس شىء مما ترون. ولكنّه شىء افتعله الله تعالى بالقدرة الغالبة، كلوا مما سألتم يمددكم ويزدكم من فضله.
قال الحواريّون: يا روح الله، لو أريتنا من هذه الآية اليوم آية أخرى! فقال عيسى: يا سمكة احيى بإذن الله. فاضطربت السمكة وعادت عليها فلوسها وشوكها ففزعوا منها. فقال عيسى: ما لكم تسألون أشياء اذا أعطيتموها كرهتموها،