وهم مجتمعون حوله، فسألت بعض من سمع حديثه فأخبرنى أنه حدّثهم عن القوم الذين تطلع عليهم الشمس، قال: خرجت حتى جاوزت الصين، ثم سألت عنهم فقيل: [لى «١» ] إن بينك وبينهم مسيرة يوم وليلة، فاستأجرت رجلا [يرينيهم «٢» ] ، فسرت بقيّة عشيّتى وليلتى حتى صبّحتهم، فإذا أحدهم يفترش أذنه ويلبس «٣» الأخرى. وكان صاحبى يحسن لسانهم فسألوه فقال: جئنا ننظر كيف تطلع الشمس. قال: فبينما نحن كذلك إذ سمعنا مثل الصلصلة، فغشى علىّ فوقعت، فلمّا أفقت وجدتهم يمسحوننى بالدهن فإذا الشمس طلعت على الماء، وهى عليه كهيئة الزيت، وإذا طرف السماء كهيئة الفسطاط، فلمّا ارتفعت دخلوا فى سرب لهم وأنا وصاحبى، فلمّا ارتفع النهار خرجوا إلى البحر فجعلوا يصطادون السمك فيطرحونه فى الشمس فينضج.
نرجع إلى تتمة أخبار الإسكندر ومطلع الشمس. قالوا: ولمّا بلغ الإسكندر مطلع الشمس فعل بمنسك كما فعل بالأمم التى قبلها وجنّد منها جنودا، ثم كرّ حتى أخذ ناحية الأرض اليسرى وهى بدء تاويل، وهى الأمّة التى بحيال هاويل، وهما متقابلتان بينهما عرض الأرض. فلمّا بلغها عمل فيها كما عمل بمن قبلها. ولمّا فرغ من الأمم الذين هم بأطراف الأرض وطاف الشرق والغرب عطف منها إلى الأمم التى هى فى وسط الأرض من الجنّ والإنس ويأجوج ومأجوج. فلمّا كان فى بعض الطريق مما يلى منقطع الترك نحو المشرق قالت له أمّة صالحة من الإنس:
يا ذا القرنين، إنّ بين هذين الجبلين خلقا من خلق الله ليس فيهم مشابهة من الإنس، وهم أشباه البهائم، يأكلون العشب ويفترسون الدوّاب والوحوش كما يفترسها السباع، ويأكلون هوّام الأرض من الحيّات والعقارب وكل ذى روح مما خلق الله تعالى.
وليس لله خلق ينمون نماءهم ولا يزدادون كزيادتهم. فإن أتت مدّة على ما نرى من