للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يبصر البناء ويقطع الصخور وينحتها إلا وجّه به عون إليها، وأنفذ معهم ألف رجل من جيشه وسبعمائة ساحر يعاونونهم بالروحانيين الذين فى طاعتهم، وأنفذ معهم جميع الآلات وأقام يحمل لهم الزاد إلى هناك شهورا على العجل؛ وطريق العجل على الفيوم واضحة فى صحراء الغرب وخلف الأهرام- وهى التى يقصدها أصحاب المطالب- مشهورة.

قال: فلما تكامل له ما أراد من ذلك ومن نحت الأحجار خطّوا المدينة فرسخين فى فرسخين، وحفروا فى الوسط بئرا وجعلوا فى تلك البئر تمثال خنزير من نحاس بأخلاط ونصبوه على قاعدة من نحاس وجعلوا وجهه إلى الشرق، وكان ذلك بطالع زحل واستقامته وسلامته من المتضادين له فى شرفه، وأخذوا خنزيرا فذبحوه له ولطخوا وجهه بدمه وبخروه بشعره، وأخذوا شيئا من عظامه ولحمه ومرارته فجعلوه فى جوف ذلك الخنزير النحاس، وجعلوا فى أذنيه شيئا من مرارته، وأحرقوا بقية الخنزير، وجعلوا رماده فى قلة نحاس بين يدى الخنزير النحاس، ونقشوا عليه آيات زحل، ثم شقوا فى البئر أخدودا من أربعة وجوه شرقا وغربا وجنوبا وشمالا، ومدّوا تلك الأخاديد إلى حيطان المدينة، وعملوا على أفواهها مسارب تجتلب الرياح إليها، ثم سدّوا البئر وعملوا عليها قبة على عمد مربعة، وجعلوا منها شوارع كل شارع ينتهى إلى باب من أبواب المدينة وفصلوها بالطرقات والمنازل، وجعلوا حول القبة تماثيل فرسان من نحاس بأيديها حراب ووجوهها مقابلة لتلك الأبواب، وجعلوا أساس المدينة من حجر أسود وفوقه أحمر وفوقه أصفر وفوقه أخضر، وفوق الجميع أبيض يشفّ، مثبتة كلها بالرصاص المصبوب بين الحجارة، وقلوبها أعمدة من حديد على وضع بناء الأهرام؛ وجعل طول حصنها ستين ذراعا فى عرض عشرين ذراعا، ونصب على كل رأس باب من أبوابها فى أعلا الحصن تمثال عقاب كبير من صفر وأخلاط ناشر الجناحين أجوف، وعلى كل ركن صورة فارس بيده حربة ووجهه