وما يعبدون من دون الله، فعندها قالوا:(رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً)
إلى قوله:(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً) *
قال: فلمّا اعتزلوهم وما يعبدون من دون الله آووا إلى الكهف رجاء أن ينشر لهم ربهم من رحمته ويهيّىء لهم من أمرهم مرفقا. قال: وأرادوا أن يكونوا فى عزلة من قومهم وشركهم حتى يفرق لهم رأيهم، فألقى الله عليهم السّبات.
قال: وهم من مدينة من مدائن الروم يقال لها أفسوس «١» ، وملك الروم يومئذ دقيوس، ويقال- والله أعلم- إنّ عدّتهم سبعة، كان عبد الله بن عباس يسمّيهم بأسمائهم ويقول: ما يعلمهم إلا قليل وأنا من أولئك القليل، منهم مرطالوس، ونونوس، ودانيوس، وسراقيون، واسطاطالوس، ومكسلميس، وتمليخا، وهو الذى بعثوه بورقهم إلى المدينة ليرتاد لهم. هذا قول ابن عباس، قال: وكانوا قوما يطلبون الصّيد لما مسّهم من الضّرّ والحاجة ليس لهم كبير معيشة غيره، فقالوا قولهم هذا ونظروا ما نظروا، وهم يومئذ فى الجبل الذى فيه كهفهم يطلبون الصيد ومعهم كلابهم وبزاتهم وقسيّهم ونبلهم. فلمّا أجمع رأيهم أن يأووا إلى الكهف ليأتمروا فيه، هل يقيمون مع قومهم على شركهم، أم يفارقونهم فينتجعون ناحية من الأرض يحلّون فيها ويوحّدون فيها ربّهم. فبينا هم على ذلك ألقى الله عليهم السّبات وأخفى على جميع خلقه مكانهم، وصرف عنهم الأبصار والعقول، فليس يبصرهم أحد ولا يفطن بمكانهم، فلبثوا فى كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا، حتى انقرضت الأمّة التى كانوا فيها والملك الذى كان عليهم، وظهر المسيح عيسى بن مريم عليه السلام وآمن به الناس واتّبعوا ملّته ورفعه الله اليه وذهب زمانه وزمان أهل ملّته وهم فى كهفهم.