حاكمت فيهنّ السّلوّ إلى الصّبا ... فقضى لسلطان على سلطان.
فأبحن من قلبى الحمى وثنيننى ... عن عزّ ملكى كالأسير العانى.
لا تعذلوا ملكا تذلّل في الهوى! ... ذلّ الهوى عزّ وملك ثانى!
إن لم أطع فيهنّ سلطان الهوى ... كلفا بهنّ، فلست من مروان!
وإذا الكريم أحبّ، أمّن إلفه ... خطب القلى وحوادث السّلوان!
وقال العباس:
لا عار في الحبّ إنّ الحبّ؛ مكرمة ... لكنّه ربّما أزرى بذى الخطر!
وأما القسم المذموم منه، وهو الذى ثنّينا بذكره في صدر هذا الفصل فقد أكثر الناس القول في ذمه، وبيّنوا أسبابه.
فقال ابن الجوزىّ: بيان ذمه أن الشىء إنما يعرف مذموما أو ممدوحا بتأمل ذاته وفوائده وعواقبه، وذات العشق لهج بصورة، وهذا ليس فيه فضيلة فتمدح، ولا فائدة في العشق للنفس الناطقة، إنما هو أثر غلبة النفس الشّهوانية.
وقال بعض الحكماء: ليس العشق من أدواء الحصفاء الحكماء، إنما هو من امراض الخلعاء الذين جعلوا دأبهم ولهجهم متابعة النفس وإرخاء عنان الشهوة وإمراح النظر في المستحسنات من الصور. فهنالك تتقيد النفس ببعض الصور فتأنس، ثم تألف، ثم تتوق، ثم تلهج، فيقال «عشق» . وليس هذا من صفة الحكماء: