من موافقة غرضه المحرّم الذى يكون فيه خسران آخرته، ويعرّضه لعقوبة خالقه.
فكلما قرب من هواه، بعد من مولاه. ولا يكاد العشق يقع في الحلال المقدور عليه فان وقع، فياسرعان زواله! قالت الحكماء: كل مملوك مملول. وقال الشاعر:
وزادنى شغفا بالحبّ أن منعت ... أحبّ شىء إلى الإنسان مانحا.
فان كان المعشوق لا يباح، اشتدّ القلق به والطلب له. فإن نيل منه غرض، فالعذاب الشديد في مقابلته. على أن بلوغ الغرض يزيد ألما فتربى مرارة الفراق على لذّة الوصال. كما قال الشاعر:
كلّ شىء ربحته في التّدانى ... والتّلاقى، خسرته في الفراق.
فإن منعه خوف الله تعالى عن نيل غرض، فالامتناع عذاب شديد فهو معذب فى كل حال.
هذا ضرره في الدّين.
وأما ضرره في الدّنيا فإنه يورث الهمّ الدائم، والفكر اللازم، والوسواس، والأرق، وقلة المطعم، وكثرة السهر. ويتسلط على الجوارح فتنشأ الصفرة في البدن، والرّعدة فى الأطراف، واللّجلجة في اللسان، والنّحول في الجسد. فالرأى عاطل، والقلب غائب عن تدبير مصلحة، والدموع هواطل، والحسرات تتتابع، والزّفرات تتوالى، والأنفاس لا تمتدّ، والأحشاء تضطرم. فإذا غشّى على القلب غشاء ثانيا أخرج إلى الجنون. وما أقربه حينئذ من التلف! قال: هذا، وكم جنى من جناية على العرض، ووهّن الجاه بين الخلق. وربما أوقع فى عقوبات البدن وإقامة الحدود.
وقال جالينوس: العشق من فعل النفس، وهى كامنة في الدماغ والقلب والكبد.