للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقدتك بينهم فبكيت شوقا، ... وفقد الإلف يا أملى شديد!

وما استبطأت غيرك فاعلميه ... وحولى من ذوى رحمى عديد!

ولو كنت السقيمة، كنت أسعى ... إليك ولم ينهنهنى الوعيد!

قال: ثم شهق شهقة وخفت، فمات. فبكت العجوز وقالت: فاضت والله نفسه! فدخلنى أمر لم يدخلنى مثله قط. فلما رأت العجوز ما حلّ بى، قالت: يا فتى لا ترع! عاش بأجل، ومات بقدر، وقدم على ربّ كريم، واستراح من تباريحه وغصصه! ثم قالت: هل لك في استكمال الصنيعة؟ قلت: قولى ما أحببت! قالت: تأتى البيوت فتنعاه اليهم ليعاونونى على رمسه، فإنى وحيدة. قال: فركبت فرسى وقصدت البيوت وأقبلت أنعاه إليهم. فبينا أنا أنعاه، إذا خيمة رفع جانب منها، وإذا امرأة قد خرجت كأنها القمر ليلة البدر. ناشرة شعرها، تجرّ خمارها، وهى تقول: بفيك الكثكث! بفيك الحجر! من تنعى؟ قلت: أنعى فلانا! قالت: أوقد مات؟ قلت: إى والله قد مات! قالت: فهل سمعت له قولا، قلت: اللهم لا، إلا شعرا، قالت:

وما هو؟ فأنشدتها قوله:

ألا ما للمليحة لا تعود

الأبيات.

فاستعبرت باكية وأنشأت تقول:

عدانى أن أزورك يا مناى ... معاشر كلّهم واش حسود!

أشاعوا ما علمت من الدّواهى ... وعابونا، وما فيهم رشيد!.

فأما إذ ثويت اليوم لحدا ... فكلّ الناس دورهم لحود.

فلا طابت لى الدّنيا فواقا ... ولا لهم ولا أثرى عديد!