عن نفسها فيحقد ذلك علىّ. فمكثت مدّة مديدة ثم ماتت. ولا أظنها ماتت إلا كمدا وأسفا على الفتى.
وروى ابن الجوزىّ أيضا بسنده قال: حكى عن شبابة بن الوليد العذرىّ أن فتى من بنى عذرة يقال له أبو مالك بن النضر، كان عاشقا لابنة عمّ له عشقا شديدا.
فكان على ذلك مدّه، ثم إنه فقد بضع عشرة سنة، لا يحسّ له خبر. قال شبابة:
فأضللت إبلا لى. فخرجت في طلبها. فبينا أنا أسير في الرمال إذا بهاتف يهتف.
بصوت ضعيف:
يا ابن الوليد، ألا تحمون جاركم ... وتحفظون له حتّى القرابات؟
عهدى إذا جار قوم نابه حدث، ... وقوه من كلّ مكروه الملمّات!
هذا أبو مالك المسمى ببلقعة ... من الضّباع وآساد بغابات!
طليح سوق، بنار الحبّ محترق، ... تعتاده زفرات إثر لوعات!
أما النهار فيصيه تذكّره، ... والليل مرتقب للصبح هل ياتى.
يهدى بجارية من عذرة اختلست ... فؤداه، فهو منها في بليّات!
فقلت: دلّنى عليه، رحمك الله! قال: نعم، اقصد الصوت، فقصدته، فسمعت أتينا من خباء فاذا قائل يقول:
يا رسيس الهوى، أذبت فؤادى ... وحشوت الحشا عذابا أليما!
فدنوت منه فقلت: أبو مالك؟ قال: نعم! قلت: ما بلع بك إلى ما أرى؟ قال:
حبّى سعاد ابنة أبى الهندام العذرىّ، شكوت يوما ما أجد من حبها إلى ابن عمّ لنا فاحتملنى إلى هذا الوادى، منذ بضع عشرة سنة، يأتينى كل يوم بخبرها ويقوتنى من عنده. فقلت إنى أصير إلى أهلها فأخبرهم ما رأيت. قال: أنت وذاك، قال: فانصرفت