وودّعت ببنان عقدها عنم، ... ناديت: لا حملت رجلاك يا جمل!
ويلى من البين! ماذا حلّ بى وبها ... من نازل البين؟ حان البين فارتحلوا!
يا راحل العيس، عرّج كى نودّعها! ... يا راحل العيس، فى ترحالك الأجل؟
إنّى على العهد لم أنقض مودّتهم، ... يا ليت شعرى! بعد العهد ما فعلوا؟
قال: فقال رجل من البغضاء الذين معى: ماتوا! قال: قال إذن فأموت! فقال له: إن شئت! فتمطّى واستند إلى السارية التى كان مشدودا فيها فمات. فما برحنا حتّى دفناه.
وحكى عن أبى يحيى التيمى، قال: كنا نختلف إلى أبى مسعر بن كدام، وكان يختلف معنا فتى من النّسّاك، يقال له أبو الحسن، ومعه فتى حسن الوجه يفتتن به الناس إذا رأوه. فأكثر الناس القول فيه وفي صحبته إياه. فمنعه أهله أن يصحبه وأن يكلمه. فذهل عقله حتّى خيف عليه التلف. فلقيته فأخبرته بذلك، فتنفس الصّعداء ثم أنشأ يقول:
يا من بدائع حسن صورته ... تثنى إليه أعنّة الحدق!
لى منك ما للناس كلّهم: ... نظر وتسليم على الطّرق.
لكنّهم سعدوا بأمنهم ... وشقيت حين أراك بالفرق!
ثم صرخ صرخة وشخص بصره نحو السماء وسقط إلى الأرض. فحرّكته فإذا هو ميت.
وروى ابن الجوزىّ قال: أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك الأنماطىّ، قال:
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبى نصر الحميدىّ قال: حدّثنى أبو محمد علىّ بن أحمد