الفقيه الحافظ قال: حدّثنى أبو عبد الله محمد بن الحسن المذحجىّ الأديب، قال:
نت أختلف في النحو إلى أبى عبد الله محمد بن خطاب النحوى في جماعة، أيام الحداثة. وكان معنا أسلم بن سعيد قاضى قضاة الأندلس. قال محمد بن الحسن:
وكان من أجمل من رأته العيون. وكان معنا عند ابن خطاب أحمد بن كليب.
وكان من أهل الأدب والشعر فاشتدّ كلفه بأسلم، وفارق صبره، وصرف فيه القول متسترا بذلك، إلى أن فشت أشعاره فيه وجرت على الألسنة، وأنشدت في المحافل.
فلعهدى بعرس في بعض الشوارع و «البكورىّ» الزامر في وسط المحفل يزمر بقول أحمد بن كليب في أسلم.
أسلّمنى في هوا ... هـ أسلم، هذا الرّشا!
غزال له مقلة ... يصيب بها من يشا!
وشى بيننا حاسد ... سيسأل عمّا وشى!
ولو شاء أن يرتشى ... على الوصل روحى، ارتشى!
ومغنّ محسن يسايره. فلما بلغ هذا المبلغ، انقطع أسلم عن جميع مجالس الطلب ولزم بيته والجلوس على بابه. فكان أحمد بن كليب لا شغل له إلا المرور على باب دار أسلم نهاره كله. فانقطع أسلم عن الجلوس على باب داره نهارا. فإذا صلّى المغرب واختلط الظلام، خرج مستروحا، وجلس على باب داره. فعيل صبر أحمد بن كليب.
فتحيل في بعض الليالى ولبس جبّة من جباب أهل البادية، واعتمّ بمثل عمائمهم، وأخذ بإحدى يديه دجاجا وبالأخرى قفصا فيه بيض. وجاء كأنه قدم من بعض الضّياع، فتقدّم إلى أسلم وقبل يده، وقد اختلط الظلام، وقال: يا مولاى، من يقبض