للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجعل كلّما مرّ برجل فيه خير قال: «زعم من زعم أنه لم يخرج إلينا إلا الغوغاء وهذا العابد المجتهد فيهم!» وصلى علىّ على القتلى من بين الفريقين، وأمر فدفنت الأطراف فى قبر عظيم، وجمع ما كان فى العسكر من شىء وبعث به إلى مسجد البصرة، وقال: من عرف شيئا فليأخذه إلّا سلاحا كان فى الخزائن عليه سمة السلطان.

قال [١] : وكان جميع القتلى عشرة آلاف، نصفهم من أصحاب علىّ، ونصفهم من أصحاب عائشة، حكاه أبو جعفر الطبرى، وقال غيره: ثمانية آلاف. وقيل: سبعة عشر ألفا. قال أبو جعفر:

وقتل من ضبّة ألف رجل، وقتل من عدىّ حول الجمل سبعون كلّهم قد قرأ القرآن سوى الشباب ومن لم يقرأ.

قال [٢] : ولمّا فرغ علىّ من الواقعة أتاه الأحنف بن قيس [فى بنى سعد] [٣] ، وكانوا قد اعتزلوا القتال، كما ذكرنا، فقال له علىّ: لقد تربّصت. فقال: ما كنت أرانى إلّا قد أحسنت، وبأمرك كان ما كان يا أمير المؤمنين، فارفق، فإنّ طريقك الّذى سلكت بعيد، وأنت إلىّ غدا أحوج منك أمس، فاعرف إحسانى، واستصف مودّتى لغد، ولا تقل [٤] مثل هذا فإنّى لم أزل لك ناصحا.

ثم دخل علىّ البصرة يوم الاثنين، فبايعه أهلها، حتّى الجرحى والمستأمنة، واستعمل علىّ عبد الله بن عبّاس على البصرة، وولّى


[١] ابن الأثير فى الكامل ج ٣ ص ١٣١.
[٢] ابن الأثير فى الكامل ج ٣ ص ١٣١.
[٣] الزيادة من الكامل، ويقتضيها ضمير الجمع الآتى بعدها.
[٤] كذا جاء فى المخطوطة والكامل، وجاء فى تاريخ ابن جرير ج ٣ ص ٥٤٠ «ولا تقولن» .