للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زيادا الخراج وبيت المال، وأمر ابن عبّاس أن يسمع منه ويطيع وكان زياد معتزلا [١] .

ثم راح علىّ رضى الله عنه إلى عائشة فى دار عبد الله بن خلف الخزاعى، فوجد النساء يبكين على عبد الله وعثمان ابنى خلف، وكان عبد الله قتل مع عائشة، وعثمان قتل مع على، وكانت صفية زوجة عبد الله مختمرة تبكى، فلما رأته قالت له: يا على، يا قاتل الأحبّة، يا مفرق الجمع، أيتم الله منك بنيك كما أيتمت ولد عبد الله منه. فلم يردّ عليها شيئا، ودخل على عائشة فسلم عليها وقعد عندها، ثم قال: جبهتنا صفيّة. أما إنّى لم أرها منذ كانت جارية! فلما خرج أعادت عليه القول، فكفّ بغلته، وقال: لقد هممت أن أفتح هذا الباب (وأشار إلى باب فى الدار) وأقتل من فيه (وكان فيه ناس من الجرحى فأخبر بمكانهم، فتغافل عنه) [٢] .

قال: ولمّا خرج من عند عائشة قال له رجل من الأزد: والله لا تغلبنا هذه المرأة! فغضب وقال: «مه [٣] ، لا تهتكنّ سترا، ولا تدخلنّ دارا، ولا تهيجنّ امرأة بأذى، وإن شتمن أعراضكم، وسفّهن أمراءكم وصلحاءكم، فإنّ النساء ضعيفات، ولقد كنّا


[١] كان زياد ممن اغتزل ولم يشهد المعركة، ولما جاء عبد الرحمن بن أبى بكر فى المستأمنين مسلما- بعد ما فرغ على من البيعة- قال له على رضى الله عنه: وعمك المتربص المقاعد بى (يعنى زيادا) . فقال: والله يا أمير المؤمنين إنه لك لواد وإنه على مسرتك لحريص ولكنه بلغنى أنه يشتكى، فلما قابل على زيادا واعتذر إليه زياد قبل عذره، واستشاره وأراده على رضى الله عنه على البصرة، فقال زياد: رجل من أهل بيتك يسكن إليه الناس فإنه أجدر أن يطمئنوا وينقادوا وسأكفيكه وأشير عليه. فكان ابن عباس.
[٢] عبارة ابن جرير: «وكان أناس من الجرحى قد لجئوا إلى عائشة، فأخبر على بمكانهم، فتغافل عنهم» .
[٣] مه: اسكت واكفف.