للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على آخرهم، فهاتيك أجسادهم مجردة، وثيابهم مرمّلة [١] ، وخدودهم معفرة [٢] ، تصهرهم الشمس وتسفى عليهم الريح، زوّارهم العقبان والرخم بقىّ [٣] سبسب. قال: فدمعت عينا يزيد وقال: كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين، لعن الله ابن سميّة، أما والله لو أنى صاحبه لعفوت عنه، فرحم الله الحسين. قال: ولما وصل علىّ بن الحسين ومن معه والرأس إلى دمشق، وقف محفّر بن ثعلبة العائذى، وكان عبيد الله قد تركهم معه ومع شمر على باب يزيد بن معاوية، ثم رفع صوته وقال: هذا محفّر بن ثعلبة أتى أمير المؤمنين باللئام الفجرة، فأجابه يزيد ما ولدت أمّ محفّر شرّ وألأم، ولكنه قاطع ظلوم. ثم دخلوا على يزيد فوضعوا الرأس بين يديه وحدثوه، فسمعت الحديث هند بنت عبد الله بن عامر بن كريز، وكانت تحت يزيد، فتقنّعت بثوبها وخرجت فقالت: يا أمير المؤمنين رأس الحسين بن فاطمة بنت رسول الله؟ قال: نعم فأعولى عليه وحدّى على ابن بنت رسول الله وصريحة قريش، عجّل عليه ابن زياد فقتله، قتله الله، ثم أذن للناس فدخلوا عليه، والرأس بين يديه، ومعه قضيب وهو ينكت فى ثغره، ثم قال: إن هذا وأنا كما قال الحصين بن الحمام:

أبى قومنا أن ينصفونا فأنصفت ... قواضب [٤] فى أيماننا تقطر الدّما


[١] مرملة: ملطخة بالدماء.
[٢] معفرة: من العفر، وهو التراب.
[٣] بقى بالكسر والتشديد من القوا: الأرض القفر الخالية، والسبسب (نعت) : المفازة المستوية.
[٤] قواضب: سيوف.