للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تجيئك منهم طائفة، فيرسل إليهم المنصور الخيل، فيأخذ البرىء والصغير والمرأة، فيكون ذلك تعرّضا للمآثم، فقال الكوفى: كأنّكم خرجتم لقتال المنصور وأنتم تتوقون قتل الضعيف والصغير والمرأة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث سراياه، فيقاتل ويكون نحو هذا، فقال بشير: أولئك كفار وهؤلاء مسلمون، فاتّبع إبراهيم رأيه وسار حتى نزل باخمرا، وهى من الكوفة على ستة عشر فرسخا، مقابل عيسى بن موسى، فأرسل إليه سلم بن قتيبة يقول: إنك قد أصحرت «١» ، ومثلك أنفس به عن الموت، فخندق على نفسك حتى لا تؤتى إلا من وجه واحد، فإن أنت لم تفعل فقد أعرى أبو جعفر عسكره، فتخفف في طائفة حتى تأتيه فتأخذ بقفاه، فدعا إبراهيم أصحابه وعرض عليهم ذلك، فقالوا: نخندق على أنفسنا ونحن ظاهرون عليهم؟! لا والله لا نفعل؛ قال: فنأتى أبا جعفر، قالوا:

ولم وهو في أيدينا، متى أردناه؟! فقال إبراهيم للرسول: أتسمع، فارجع راشدا.

ثم إنّهم تصافوا، فصفّ إبراهيم أصحابه صفا واحدا، فأشار عليه بعض أصحابه بأن يجعلهم كراديس، فإذا انهزم كردوس ثبت كردوس، فإنّ الصفّ إذا انهزم بعضه تداعى سائره، فقال الباقون: لا نصفّ إلا صفّ أهل الإسلام، يعنى قول الله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ)

«٢» ، ثم التقوا