واقتتلوا قتالا شديدا، فانهزم حميد بن قحطبة وانهزم الناس معه، فعرض لهم عيسى يناشدهم الله والطاعة، فلا يلوون عليه، وأقبل حميد منهزما فقال له عيسى: الله الله والطاعة، فقال لا طاعة فى الهزيمة، ومرّ الناس فلم يبق مع عيسى إلا نفر يسير، فقيل له: لو تنحّيت عن مكانك حتى يثوب إليك الناس، فتكرّ بهم؟ فقال:
لا أزول عن مكانى هذا أبدا حتى أقتل أو يفتح الله على يدى، والله لا ينظر أهل بيتى إلى وجهى أبدا وقد انهزمت عن عدوّهم، وجعل يقول لمن يمرّ به: اقرأوا أهل بيتى السلام، وقولوا لهم لم أجد فداء أفديكم به أعزّ من نفسى، وقد بذلتها دونكم، فبينما هم كذلك لا يلوى أحد على أحد إذ أتى جعفر ومحمد ابنا سليمان بن على من ظهور أصحاب إبراهيم، ولا يشعر باقى أصحابه الذين يتّبعون المنهزمين، حتى نظر بعضهم فرأى القتال من ورائهم، فعطفوا نحوه ورجع أصحاب المنصور يتبعونهم، فكانت الهزيمة على أصحاب إبراهيم، فلولا جعفر ومحمد لتمّت الهزيمة، وكان من صنع الله للمنصور أن أصحابه لقيهم نهر في طريقهم، فلم يقدروا على الوثوب ولم يجدوا مخاضة فعادوا بأجمعهم، وكان أصحاب إبراهيم قد مخروا الماء ليكون قتالهم من وجه واحد، فلما انهزموا منعهم الماء من الفرار، وثبت إبراهيم في نفر من أصحابه يبلغون ستمائة، وقيل أربعمائة، فقاتلهم حميد وجعل يرسل بالرؤوس إلى عيسى، وجاء إبراهيم سهم عائر «١» فوقع في حلقه فنحره، فتنحّى عن موقفه وقال: أنزلونى، فأنزلوه عن مركبه وهو يقول: وكان