فإنّه أوّلا يجعل عنده منازل، جميعهم منقوصة غير منزلة محمد بن إسماعيل صاحب الدور الآخر، ويرتّب له أنّ جميعهم لا يأتى بوحى من الله عزّ وجلّ، ولا معجزة كما يقول الظاهرية، وإنما يختص بالصفا فيلقى في فهمه ما يريد الله، فيكون ذلك كلاما، ثم يجسّده النبى ويظهره للخلق، وينظّم الشرائع بحسب المصالح في سياسات الناس ثم يؤمر بالعمل بذلك مدّة، ثم يترك إلى أن يؤمر بذلك، يستدعى بها الناس، لا لأنّها تجب على أهل المعرفة بأعراضها وأسبابها ثم يقال له بعد ذلك إنّما هى آصار وأثقال حملها الكفار، وكذلك سائر المحرّمات، ثم يلقّن أنّ إبراهيم وموسى وعيسى، وهؤلاء أنبياء سياسات وشرائع، فأما أنبياء الحكمة فإنّ هؤلاء أخذوا عنهم كافلاطون وأمثاله من الفلاسفة، فبنوا شرائعهم ليوصلوا بها العامّة إلى علومهم؛ ثم يقال له: انظر أيهما أحكم، فلان النبى أو فلان؟ ثم يلقّن أن في بعض أحكامهم اختلالا وفسادا، ثم يلقن البراءة منهم وسوء سيرتهم، وأنّهم قتلوا النفوس، وأمثال هذا. ويلقّن في محمد بن إسماعيل بن جعفر أنّه سيظهر، ثم يقال له بعد ذلك: إنما يظهر في العالم الروحانى إذا صرنا إليه، أما الآن فإنما يظهر أمره على ألسن أوليائه، ثم يلقّن أنّ الله أبغض العرب لما قتلت الحسين بن على فنقل خلافة الأئمة عنهم كما نقل النبوّة عن بنى إسرائيل لما قتلوا الأنبياء، ولا يقوم بخلافة الأئمة إلا أولاد كسرى، فيكون ذلك غاية ما يقدّموه في هذا الباب كلّه متى استوى لهم، فإن لم يتمّ له ذلك مع الدعوة تركه في أى منزلة نزلها، مستعيذا «١» بهذه الوجوه.