آخر الْحُرُوف وَالصَّاد الْمُهْملَة الْحَافِظ أَبُو عبد الله الْحميدِي الأندلسي الميورقي
سمع بالأندلس ومصر وَالشَّام والحجاز وبغداد واستوطنها وَكَانَ من كبار أَصْحَاب ابْن حزم الْفَقِيه وَقَالَ ولدت قبل الْعشْرين وَأَرْبع مائَة
سمع ابْن حزم وَأخذ أَكثر كتبه وَجَمَاعَة مِنْهُم ابْن عبد الْبر وروى عَنهُ شَيْخه الْخَطِيب فِي مصنفاته وَابْن مَاكُولَا وَجَمَاعَة آخِرهم أَبُو الْفَتْح ابْن البطي
وَكَانَ من كبار الْحفاظ ثِقَة متديناً بَصيرًا بِالْحَدِيثِ عَارِفًا بفنونه حسن النغمة بِالْقِرَاءَةِ مليح النّظم ظاهري الْمَذْهَب لَهُ شعر فِي المواعظ
توفّي سَابِع عشر ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة وَدفن بمقبرة بَاب ابرز بِالْقربِ من الشَّيْخ أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ ثمَّ نقل إِلَى بَاب حَرْب وَدفن عِنْد بشر الحافي
نقل ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه أَن الْحميدِي أوصى إِلَى الْأَجَل مظفر بن رَئِيس الرؤساء أَن يدْفن عِنْد بشر الحافي فَخَالف وَصيته فَلَمَّا كَانَ بعد مُدَّة رأى فِي مَنَامه الْحميدِي وَهُوَ يعاتبه على ذَلِك فنقله فِي صفر سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَكَانَ كَفنه جَدِيدا وبدنه طرياً يفوح مِنْهُ رَائِحَة الْمسك ووقف كتبه وَله الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ تَارِيخ الأندلس جمل تَارِيخ الْإِسْلَام الذَّهَب المسبوك فِي وعظ الْمُلُوك كتاب ترسل مخاطبات الأصدقاء مَا جَاءَ من الْآثَار فِي حفظ الْجَار ذمّ النميمة كتاب الْأَمَانِي الصادقة كتاب أدب الأصدقاء كتاب تَحِيَّة المشتاق فِي ذكر صوفية الْعرَاق كتاب المؤتلف والمختلف كتاب وفيات الشُّيُوخ ديوَان شعوه
وَمن شعره
(لِقَاء النَّاس لَيْسَ يُفِيد شَيْئا ... سوى الهذيان من قيل وَقَالَ)
(فأقلل من لِقَاء النَّاس إِلَّا ... لأخذ الْعلم أَو لصلاح حَال)
وَقَالَ
(كل من قَالَ فِي الصَّحَابَة سوءا ... فاتهمه فِي نَفسه وَأَبِيهِ)
(وأحق الْأَنَام بِالْعَدْلِ من لم ... ينتقصهم بمنطق منن فِيهِ)
(وَإِذا الْقلب كَانَ بالود فيهم ... دلّ أَن الْهدى تَكَامل فِيهِ)
)
وَقَالَ
(من لم يكن للْعلم عِنْد فنائه ... أرجٌ فَإِن بَقَاءَهُ كفنائه)
(بِالْعلمِ يحيى الْمَرْء طول حَيَاته ... وَإِذا انْقَضى أَحْيَاهُ حسن ثنائه)