(وَكَأن طرّته وَنور جَبينه ... ليلٌ أطلّ على صباحٍ أنور)
وَكَانَ الَّذِي نظمته يَعْنِي الشَّيْخ أثير الدّين نَفسه
(ومترّبٍ قد ظن أَن جماله ... سيصونه منا بتربٍ أعفر)
(فغدا يضمخه فَزَاد ملاحةً ... إِذْ قد حوى لَيْلًا بصبح أنور)
(وكأنما الْجِسْم الصَّقِيل وتربه ... كافورةٌ لطخت بمسكٍ أذفر)
قلت أحسن هَذِه المقاطيع قَول عَلَاء الدّين ابْن بنت الْأَعَز وَأما مَقْطُوع فَخر الدّين فَفِي الثَّانِي فَسَاد الْمَعْنى لِأَن اللَّيْل مَا يطلّ على الصَّباح وَإِنَّمَا اللَّيْل يطلّ على النَّهَار والصباح يطلّ على اللَّيْل قَالَ الْعَلامَة أثير الدّين وحضرنا مرّة أُخْرَى مَعَ الْمَذْكُور بالروضة فَكتب لي وَوَجهه مَعَ بعض غلمانه
(حييت أثير الدّين شيخ الأدبا ... أَقْْضِي حقّاً لَهُ كَمَا قد وجبا)
(حيّيت فَتى بطاق آسٍ نضرٍ ... كالقدّ بدا ملئت مِنْهُ طَربا)
فَأَنْشَدته
(أهْدى لنا غصناً من ناضر الآس ... أقضى الْقُضَاة حَلِيف الْجُود والباس)
(لما رأى سقمي أهداه مَعَ رشأ ... حُلْو التثني فَكَانَ الشافي الآسي)
وأنشدني من لَفظه قَالَ أنشدنا الْمَذْكُور لنَفسِهِ
(تعطّلت فابيضّت دواتي لحزنها ... ومذ قلّ مَا لي قلّ مِنْهَا مدادها)
(وَلِلنَّاسِ مسودّ اللبَاس حدادهم ... ولكنّ مبيضّ الدواة حدادها)
وأنشدني بالسند الْمَذْكُور
(فِي السمر معانٍ لَا ترى فِي الْبيض ... تالله لقد نصحت فِي تعريضي)
(مَا الشهد إِذا طعمته كاللبن ... يَكْفِي فطناً محَاسِن التَّعْرِيض)
وأنشدني بالسند الْمَذْكُور
(وَقُولُوا بالعذار تسلّ عَنهُ ... وَمَا أَنا عَن غزال الْحسن سَالَ)
(وَإِن أبدت لنا خدّاه مسكاً ... فإنّ الْمسك بعض دم الغزال)
)
وَقَالَ الشَّيْخ شمس الدّين قدم دمشق وَولي تدريس الظَّاهِرِيَّة والقيمرية وَكَانَ مليح الشكل لطيف الشَّمَائِل يتحنك بطيلسانه ويركب البغلة ثمَّ عَاد إِلَى مصر وَأقَام بهَا مديدةً وَتُوفِّي سنة تسع وَتِسْعين وست مائَة وَهُوَ أَخُو الْأَخَوَيْنِ قَاضِي الْقُضَاة مُحَمَّد صدر الدّين وقاضي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين عبد الرَّحْمَن
٣ - (النويري)
أَحْمد بن عبد الْوَهَّاب بن عبد الْكَرِيم شهَاب الدّين النويري المحتد