حنين بن بلُّوع كَانَ شيخ المغنين بالعراق وَاجْتمعَ بِابْن سُرَيج وَأقَام عِنْده وَأخذ كل مِنْهُمَا عَن الآخر قَالَ الْأَصْمَعِي لما حرَّم خَالِد بن عبد الله الْغناء دخل إِلَيْهِ ذَات يَوْم حنين بن بلّوع مُشْتَمِلًا على عوده فَلَمَّا لم يبْق فِي الْمجْلس من يحتشم مِنْهُ قَالَ أصلح الله الْأَمِير إِنِّي شيخ كَبِير السّنّ ولي صناعَة كنت أَعُود بهَا على عيالي وَقد حرَّمتها قَالَ وَمَا هِيَ فكشف عوده وَضرب وغنَّى من الْخَفِيف أيُّها الشامت المعيِّر بالشيب أقلَّنَّ بالشَّباب افتخارا
(من قهوةٍ باكر التِّجار بهَا ... بَيت يهود أقرَّها الخزف)
(والعيش غضٌّ ومنزلي خصبٌ ... لم تغذني شقوةٌ وَلَا عنف)
وغنَّى لهشام بن عبد الْملك هُوَ وزامر من الْكُوفَة إِلَى العبَّاسية فَأمر لَهُ بِمِائَتي دِرْهَم وللزامر بِخَمْسِينَ درهما
٣ - (الطَّيب)
حنين بن إِسْحَق العباديّ الطَّبِيب الْمَشْهُور كَانَ إِمَام وقته فِي صناعَة الطِّب وَكَانَ يعرف اللّغة اليونانية معرفَة تامَّة وَهُوَ الَّذِي عرَّب كتاب أوقليدس وَجَاء ثَابت بن قرَّة المقدَّم ذكره فنقَّحه وهذَّبه وَكَذَلِكَ عرَّب حنين كتاب المجسطي وَكَانَ حنين أشدَّ أهل