وتوفِّي سنة ابْن تاشفين سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة وعهد إِلَى ابْنه تاشفين فعجز عَن الموحّدين وانزوى إِلَى مَدِينَة وهران ولمَّا اشتدَّ الْحصار خرج رَاكِبًا وسَاق إِلَى الْبَحْر فاقتحمه وغرق فَيُقَال إنَّهم أَخْرجُوهُ وصلبوه وأحرقوه ودامت دولة بني تاشفين بمراكش بضعاً وَسبعين سنة وانقطعت الدعْوَة لبني الْعَبَّاس بِمَوْت عَليّ
٣ - (الْأَفْضَل بن صَلَاح الدّين)
)
عَليّ بن يُوسُف بن أَيُّوب بن شاذي بن مَرْوَان بن يَعْقُوب السُّلْطَان الْملك الْأَفْضَل نور الدّين أَبُو الْحسن ابْن السُّلْطَان الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين ولد يَوْم عيد الْفطر سنة خمس وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة بِالْقَاهِرَةِ وَتُوفِّي فُجاءةً بشميساط سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وست مائَة وَقيل إنَّ مولده سنة ستٍّ
سمع من عبد الله بن برِّي النَّحْوِيّ وَأبي الطَّاهِر إِسْمَاعِيل بن عَوْف الزُّهْرِيّ وَأَجَازَ لَهُ جماعةٌ وَكَانَ أسنّ إخْوَته وَإِلَيْهِ كَانَت ولَايَة الْعَهْد ولمَّا مَاتَ وَالِده بِدِمَشْق كَانَ مَعَه فاستقلَّ بالسلطنة ثمَّ جرت لَهُ ولأخيه الْعَزِيز حروبٌ وَفتن ثمَّ إنَّ الْعَزِيز وعمّه الْعَادِل اتَّفقا على الْأَفْضَل وقصداه فِي دمشق وحارباه وأخذاها مِنْهُ فالتجأ إِلَى صرخد وَأقَام بهَا قَلِيلا فَمَاتَ الْعَزِيز بِمصْر وَأَقَامُوا وَلَده محمَّداً وَهُوَ صبيٌّ فطلبوا لَهُ الْأَفْضَل ليَكُون أتابكه فَقدم وَمَشى فِي ركاب ابْن أَخِيه ثمَّ إنَّ الْعَادِل عمل على الْأَفْضَل وَقصد مصر وَأَخذهَا مِنْهُ لأنَّ عساكره كَانَت مفرَّقةً فِي الرّبيع وَأَعْطَاهُ ميَّافارقين وشميساط فلمَّا توجَّه إِلَيْهِمَا لم يسلّم ابْن الْعَادِل ميَّافارقين وَلم يحصل للأفضل غير شميساط فاستنجد بأَخيه الظَّاهِر غَازِي وَسَار إِلَى دمشق وأشرفا على أَخذهَا فجرت بَينهمَا منازعةٌ بتدبير الْعَادِل آلت إِلَى الرحيل عَنْهَا فلمَّا توفّي الظَّاهِر استنجد الْأَفْضَل بكيكاوس السلجوقي سُلْطَان الرّوم فقصدا الشَّام دمشق سنة خمس عشرَة وست مائَة فلمَّا أَخذ الرُّومِي تلَّ بَاشر ومنبج وَلم يعطِ الْأَفْضَل مِنْهُمَا شَيْئا انثنى عَنهُ فِي الْبَاطِن وَكَانَ الْأَشْرَف مُقيما بحلب لنجدة الْعَزِيز فَخرج بعساكر حلب إِلَى لِقَاء الرُّومِي وَوَقعت العربان على بعض عَسَاكِر الرُّومِي