(وَفضل فِيهِ أَنه خاتمٌ ... من فضةٍ صياغه الله)
وَقَالَ من السَّرِيع
(قد جبل الجبول من راحةٍ ... فَلَيْسَ يعرو ساكنيها هموم)
(كَأَنَّمَا المَاء وأطياره ... فِيهِ سماءٌ زينت بالنجوم)
)
(كَأَن سود الطير فِي بيضها ... خليط جيشٍ بَين زنجٍ وروم)
٣ - (الشَّيْخ بدر الدّين بن هود)
الْحسن بن عَليّ أَبُو عَليّ بن عضد الدولة أبي الْحسن أخي المتَوَكل على الله ملك الأندلس أبي عبد الله مُحَمَّد ابْني يُوسُف بن هود الجذامي
أَخْبرنِي العلاّمة أثير الدّين أَبُو حَيَّان من لَفظه قَالَ رَأَيْته بِمَكَّة وجالسته وَكَانَ يظْهر مِنْهُ الْحُضُور مَعَ من يكلمهُ ثمَّ تظهر الْغَيْبَة مِنْهُ وَكَانَ يلبس نوعا من الثِّيَاب مِمَّا لم يعده لبس مثله بِهَذِهِ الْبِلَاد وَكَانَ يذكر أَنه يعرف شَيْئا من عُلُوم الْأَوَائِل وَكَانَ لَهُ شعر أنشدنا لَهُ أَبُو الحكم بن هاني صاحبنا قَالَ أنشدنا أَبُو عَليّ الْحسن بن عضد الدولة لنَفسِهِ من الْبَسِيط
(خضت الدجنة حَتَّى لَاحَ لي قبسٌ ... وَبَان بَان الْحمى من ذَلِك القبس)
(فَقلت للْقَوْم هَذَا الرّبع ربعهم ... وَقلت للسمع لَا تَخْلُو من الحرس)
(وَقلت للعين غضي عَن محاسنهم ... وَقلت للنطق هَذَا مَوضِع الخرس)
وَقَالَ الشَّيْخ شمس الدّين هُوَ الشَّيْخ الزَّاهِد الْكَبِير أَبُو عَليّ بن هود المرسي أحد الْكِبَار فِي التصوف على طَريقَة الْوحدَة
مولده سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة بمرسية وَكَانَ أَبوهُ نَائِب السلطنة بهَا عَن الخليقة الملقب بالمتوكل حصل لَهُ زهدٌ مفرط وفراغٌ عَن الدُّنْيَا وسكرةٌ عَن ذَاته وغفلة عَن نَفسه فسافر وَترك الحشمة وَصَحب ابْن سبعين واشتغل بالطب وَالْحكمَة وزهديات الصُّوفِيَّة وخلط هَذَا بِهَذَا وَحج وَدخل الْيمن وَقدم الشَّام
وَكَانَ ذَا هَيْبَة وَشَيْبَة وَسُكُون وفنون وتلامذة وزبون وعَلى رَأسه قبع دلك وعَلى جسده دلق
كَانَ غارقاً فِي الْفِكر عديم اللَّذَّة متواصل الأحزان فِيهِ انقباضٌ عَن النَّاس
وَحمل مرّة إِلَى وَالِي الْبَلَد وَهُوَ سَكرَان أَخَذُوهُ من حارة الْيَهُود فَأحْسن الْوَالِي بِهِ الظَّن وسرحه سقَاهُ الْيَهُود خبثاً مِنْهُم ليغضوا مِنْهُ بذلك
قلت لِأَن الْيَهُود نالهم مِنْهُ أَذَى وَأسلم على يَده مِنْهُم جماعةٌ مِنْهُم سعيد وبركات وَكَانَ الشَّيْخ يحب الكوارع المغمومة فَدَعوهُ إِلَى بَيت وَاحِد مِنْهُم وَقدمُوا لَهُ ذَلِك فَأكل ثمَّ غَابَ ذهولاً على عَادَته فأحضروا الْخمر فَلم يُنكر حُضُورهَا وأداروها ثمَّ ناولوه مِنْهَا قدحا