يُوسُف بن الْجَوْزِيّ بِمصْر وَقد خلع على الْعَادِل وعَلى الْوَزير الْفلك المسيري من جِهَة الْخَلِيفَة ثمَّ إِن النَّاصِر شرب لَيْلَة وهم فِي بلبيس وشطح فِي خركاة الْعَادِل فَخرج من الخركاة وَقبل الأَرْض بَين يَدَيْهِ فَقَالَ لَهُ كَيفَ رَأَيْت مَا أَشرت عَلَيْك بِهِ وَلم تقبل مني فَقَالَ يَا خوند التَّوْبَة فَقَالَ لَهُ طيب)
قَلْبك السَّاعَة أطلقك ثمَّ جَاءَ إِلَى الصَّالح ووقف فَقَالَ لَهُ بِسم الله اجْلِسْ فَقَالَ مَا أَجْلِس حَتَّى تطلق الْعَادِل فَقَالَ نعم وَجعل يطاوله إِلَى أَن نَام من سكره فَمَا صدق الصَّالح بنوم النَّاصِر وَقَامَ فِي اللَّيْل فَأخذ الْعَادِل فِي محفة وَدخل بِهِ الْقَاهِرَة وَبعث إِلَى النَّاصِر بِعشْرين ألف دِينَار فَردهَا وَبَقِي الْعَادِل فِي الْحَبْس عشر سِنِين قَالَ أَبُو شامة أنبأني سعد الدّين مَسْعُود بن شيخ الشُّيُوخ قَالَ فِي خَامِس شَوَّال سنة خمس وَأَرْبَعين جهز الْملك الصَّالح أَخَاهُ الْعَادِل مَعَ نِسَائِهِ إِلَى الشوبك فَبعث إِلَيْهِ الْخَادِم محسن إِلَى الْحَبْس وَقَالَ يَقُول لَك السُّلْطَان لَا بُد من رواحك إِلَى الشوبك فَقَالَ إِن أردتم قَتْلِي فَهُنَا أولى وَلَا أروح أبدا فلامه وعذله فَرَمَاهُ الْعَادِل بِدَوَاةٍ فَخرج وَعرف الصَّالح فَقَالَ دبر أمره فَأخذ ثَلَاثَة مماليك ودخلوا عَلَيْهِ لَيْلَة ثَانِي عشر شَوَّال فخنقوه بِوتْر وَقيل بشاش وعلقوه بِهِ وأظهروا أَنه شنق روحه وأخرجوا جنَازَته مثل الغرباء وَتُوفِّي وعمره إِحْدَى وَثَلَاثُونَ سنة مِنْهَا عشرَة أَعْوَام فِي سجن أَخِيه الصَّالح وَكَانَ ملكه بضعَة عشر شهرا وَلم يَعش الصَّالح بعد أَخِيه الْعَادِل إِلَّا شهرا
٣ - (غرس الدّين الأربلي)
أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم غرس الدّين الأربلي كَانَ دينا خيرا صَالحا كثير الذّكر والتلاوة عِنْده فَضِيلَة وَمَعْرِفَة بالنحو وَحل المترجم قَادر على النّظم وَعمل الألغاز وحلها
وَمن نظمه الألفية فِي الألغاز المخفية وَهِي ألف لغز فِي ألف اسْم توفّي بِدِمَشْق ثَالِث عشر ذِي الْقعدَة سنة تسع وَسبعين وست مائَة وَدفن بمقابر الصُّوفِيَّة رَحمَه الله تَعَالَى وَمن شعره
(وَبِي رشأ أحوى حوى الْحسن كُله ... بمشرف صدغيه وعامل قده)
(تبدى فخلنا الْبَدْر تَحت لثامه ... وماس فخلنا الْغُصْن فِي طي برده)
(وقفت لَهُ أَشْكُو إِلَيْهِ توجعي ... وَمَا نَالَ قلبِي من مرَارَة صده)
(وسعرت الأنفاس نَار صبابتي ... فَمن حرهَا أثر الْحَرِيق بخده)
(وَلَوْلَا ارتشافي من برود رضابه ... لأحرقت نبت الآس من حول خَدّه)
وَمِنْه
(دنا نافراً عَنَّا كخشف غزال ... وماس فخلنا الْغُصْن تَحت هِلَال)
(وأسبل لَيْلًا من غدائر شعره ... وَأبْدى بِذَاكَ الشّعْر نور كَمَال)
(نَبِي بهاء حَاز فِي الْحسن خَدّه ... وَرب جمال فاق كل جمال)
)
(يُرِيك سَواد الْعين فِي صحن خَدّه ... فتحسبه خالاً وَلَيْسَ بخال)