(وأعن على برد الشتَاء بجبةٍ ... تذر الشتَاء مُقَيّدا مسجونا)
(سوسية بَيْضَاء يتْرك لَوْنهَا ... ألوان حسادي شواحب جونا)
(عذراء لم تلبس فكفك فِي الْعلَا ... تَأتي عذاراها وتأبى العونا)
(تسبي ببهجتها عيُونا لم تزل ... تسبي قلوباً فِي الْهوى وعيونا)
(مثل الْقُلُوب من العداة حرارة ... مثل الخدود من الكواعب لينًا)
توفّي
٣ - (ابْن هرمة الشَّاعِر)
إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن سَلمَة الفِهري الْمدنِي الشَّاعِر الْمَعْرُوف بِابْن هرمة من شعراء الدولتين نديم الْمَنْصُور كَانَ شيخ الشُّعَرَاء فِي زَمَانه وَكَانَ مُنْقَطِعًا إِلَى الطالبيين قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ هُوَ مقدم فِي شعراء الْمُحدثين قدمه بَعضهم على بشار بن برد وعَلى أبي نواس قيل إِنَّه كَانَ منهوماً فِي الشَّرَاب لَا يكَاد يصير عَنهُ فَقَالَ للمنصور يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّنِي مغرى بِالشرابِ وَكلما أمسكني وَالِي الْمَدِينَة حدني وَقد طَال هَذَا فَاكْتُبْ لي إِلَيْهِ فَكتب إِلَى عَامله بِالْمَدِينَةِ أما بعد فَمن أَتَاك بِابْن هرمة سَكرَان فحد ابْن هرمة ثَمَانِينَ واجلد الَّذِي يَأْتِي بِهِ مائَة فَكَانَ يمر بِهِ الْعس وَهُوَ ملقى على قَارِعَة الطَّرِيق فَيَقُول من يَشْتَرِي ثَمَانِينَ بِمِائَة قَالَ صَاحب الأغاني عَن عَامر بن صَالح أَنه أنْشد قصيدة لِابْنِ هرمة نَحوا من أَرْبَعِينَ بَيْتا لَيْسَ فِيهَا حرف مُعْجم قَالَ صَاحب الأغاني لم أَجدهَا فِي مَجْمُوع شعره وَلَا كنت أَظن أحدا تقدم رزيناً الْعَرُوضِي إِلَّا هَذَا الْبَاب وَهِي على مَا ذكره يَعْقُوب ابْن السّكيت اثْنَا عشر بَيْتا وَهِي
(أرسم سَوْدَة مَحل دارس الطلل ... معطل رده الْأَحْوَال كالحلل)
)
(لما رأى أَهلهَا سدوا مطالعها ... رام الصدود وَكَانَ الود كَالْمهْلِ)
وَهِي مثبتة فِي الأغاني بكمالها وَكَانَ ابْن هرمة قَصِيرا دميماً وَكَانَ يَقُول أَنا الْأُم الْعَرَب دعِي أدعياء هرمة دعِي فِي الخلج وَنسب الخلج فِي قُرَيْش يشك فِيهِ وَمر يَوْمًا على جِيرَانه وَهُوَ ميت سكرا حَتَّى دخل منزله فَلَمَّا كَانَ من الْغَد دخلُوا عَلَيْهِ فعاتبوه فِي الْحَالة الَّتِي رأوها مِنْهُ فَقَالَ أَنا فِي طلب مثلهَا مُنْذُ دهر أما أسمعتهم قولي
(أسَال الله سكرة قبل موتِي ... وصياح الصّبيان يَا سَكرَان)
فنهضوا من عِنْده وَنَقَضُوا ثِيَابهمْ وَقَالُوا مَا يفلح هَذَا أبدا وَيُقَال إِنَّه ولد سنة سبعين وَأنْشد الْمَنْصُور سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَة وَعمر بعد ذَلِك مُدَّة طَوِيلَة وَهُوَ الْقَائِل من قصيدة
(مَا أَظن الزَّمَان يَا أم عَمْرو ... تَارِكًا إِن هَلَكت من يبكيني)