الدّين ابْن ندى الْجَزرِي برع فِي حسن الْخط حَتَّى بلغ الْغَايَة وَكَانَ يكْتب عَن مخدومه لمن تعن لَهُ مخاطبته من الْمُلُوك وَغَيرهم وَكَانَ خوشداشه علم الدّين أيدمر المحيو ينشىء ذَلِك وَهُوَ يَكْتُبهُ وَكَانَ عز الدّين الْمَذْكُور قد حفظ المقامات ومختار الحماسة ومختار شعر أبي تَمام وَأبي الطّيب وَغير ذَلِك مِمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ من المجالسات وَكَانَت عِنْده مُشَاركَة جَيِّدَة فِي معرفَة الاسطرلاب
(إيتاخ سياف النقمَة)
إيتاخ التركي كَانَ سيف النقمَة للخلفاء وَكَانَ المتَوَكل قد خافه فَجَلَسَ مَعَه لَيْلَة بالقاطول فعربد على المتَوَكل فَقَالَ لَهُ أَتُرِيدُ أَن تلعب بِي كَمَا لعبت بالخلفاء فهم بِهِ وافترقا على ضغينة فَدس إِلَيْهِ المتَوَكل من يُشِير عَلَيْهِ بِالْحَجِّ فَأذن لَهُ فَلَمَّا بلغ الْكُوفَة ولى مَكَانَهُ وَلما ورد أَرَادَ أَن يسْلك طَرِيق الْفُرَات إِلَى سر من رأى وَلَو فعل لقدر على المتَوَكل وَكَانَ المتَوَكل كتب إِلَى إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن مُصعب مُتَوَلِّي بَغْدَاد بِمَا يعتمده فَلَمَّا وصل إيتاخ الْكُوفَة كتب إِلَيْهِ إِسْحَاق إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ رسم أَن تدخل بَغْدَاد ليتلقاك وُجُوه بني هَاشم وَتطلق الجوائز وتنزل دَار خُزَيْمَة بن خازم فجَاء إِلَى بَغْدَاد وتلقاه النَّاس وَفرق إِسْحَاق بَينه وَبَين غلمانه وأنزله فِي الدَّار الْمَذْكُورَة وَقبض عَلَيْهِ وَقَيده وكبله بالحديد ثَمَانِينَ رطلا وَقيل إِنَّه طلب المَاء فَلم يسق وَمَات عطشاً سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَقيل سنة خمس وَثَلَاثِينَ فأحضر إِسْحَاق الْقُضَاة والعدول وشهدوا أَنه مَاتَ حتف أَنفه واستصفى المتَوَكل أَمْوَاله فبلغت ألف ألف دِينَار وَحبس ابناه إِلَى أَن أطلقهما الْمُنْتَصر
(أيتمش نَائِب الشَّام)
أيتمش الْأَمِير سيف الدّين الناصري الجمدار كَانَ من مماليك السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاون جمداراً لَهُ وَأمره طبلخاناه هُوَ وَسِتَّة أُمَرَاء فِي يَوْم وَاحِد وَهُوَ والأمير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن أرغون النَّائِب وبيدمر البدري وَذَلِكَ فِيمَا يُقَارب سنة أَربع وَعشْرين وَسَبْعمائة وَكَانَ كثير السّكُون والدعة لَيْسَ فِيهِ شَرّ الْبَتَّةَ وَولي الوزارة فِي آخر أَيَّام الصَّالح إِسْمَاعِيل ثمَّ عزل وَولي الحجوبية بالديار المصرية وَتزَوج ابْنَته الْأَمِير عَلَاء الدّين مغلطاي أَمِير آخور
وَلما قتل الْأَمِير سيف الدّين أرغون شاه نَائِب الشَّام على مَا مر فِي تَرْجَمته ألزمهُ الْأُمَرَاء أَرْبَاب الْحل وَالْعقد بِبَاب السُّلْطَان على أَن يكون نَائِب الشَّام فَامْتنعَ فَلَمَّا فارقوه حَتَّى وَافق وَدخل دمشق على خيله فِي نفرٍ قَلِيل من جماعته فِي حادي عشر جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمسين