حَدِيد وَإِنَّمَا أَرَادوا بذلك امتحان قوته فَأَخذه ومده فَالتقى طرفاه وَلم يعودا فَعلم حِينَئِذٍ أَنه من حَدِيد فتعجب النَّاس من شدته ابْنه أَبُو الْبَدْر حفظ الْقُرْآن وَكَانَ يتلوه كثيرا على أحسن طَريقَة وَسمع مَعنا الحَدِيث من الْمَشَايِخ واراني لَهُ إجَازَة من أَبُو الْوَقْت عبد الأول بن عِيسَى السجْزِي بِخَطِّهِ فَقَرَأت عَلَيْهِ عَنهُ أَشْيَاء)
وَنعم الشَّيْخ كَانَ وَتُوفِّي بحلب سنة سِتّ وسِتمِائَة
٣ - (أَبُو الْفضل الكتبي)
صَدَقَة بن عَليّ بن نَاصِر الْأَنْبَارِي أَبُو الْفضل الكتبي سمع الحَدِيث وتفقه للشَّافِعِيّ وَقَرَأَ الْأَدَب على الْوَجِيه أَبُو بكر الوَاسِطِيّ قَالَ محب الدّين ابْن النجار قَرَأَ على الْكَمَال الْأَنْبَارِي أَيْضا فِي صباه وَكَانَ شَابًّا حسنا أديباً فَاضلا حسن الطَّرِيقَة متديناً وَكَانَ يَشْتَرِي الْكتب ويبيعها ويسافر بهَا علقت عَنهُ شَيْئا يَسِيرا فِي المذاكرة وَتُوفِّي سنة سِتّمائَة وَلم يبلغ الْخمسين سنة بِبَغْدَاد
٣ - (سيف الدولة صَاحب الْحلَّة)
صَدَقَة بن مَنْصُور بن دبيس بن عَليّ بن مزِيد أَبُو الْحسن الْأَسدي سيف الدولة بن أبي كَامِل بن نور الدولة أبي الْأَغَر بن سَنَد الدولة أبي الْحسن وَكَانَ أول من لقب بالإمرة مِنْهُم وَكَانَ ملك الْعَرَب وَدَار مَمْلَكَته بالحلة على شاطئ الْفُرَات وَكَانَ يخْطب لَهُ من الْفُرَات إِلَى الْبَحْر وَكَانَت فِيهِ أَخْلَاق كَرِيمَة وشيم حَسَنَة مِنْهَا صدق الحَدِيث فَإِنَّهُ إِذا قَالَ الشَّيْء فَهُوَ كَمَا قَالَ وَالْوَفَاء بالعهد فَإِنَّهُ عَاهَدَ زَوجته مباركة بنت بدران بن دبيس بن عَليّ وَكَانَت ابْنة عَمه أَن لَا يتَزَوَّج عَلَيْهَا وَلَا يتسرى فَلم يخس بعهده مَعَ مقدرته وَلَقَد عرض عَلَيْهِ السُّلْطَان ملكشاه جَارِيَة أهداها لَهُ وَهُوَ بسمرقند فَامْتنعَ من قبُولهَا وَذكر عهد زَوجته وَأَنه لَا ينْقضه وَكَانَ سليم الصَّدْر مُسْتَقِيم السريرة باذلاً جواره للنَّاس كَافَّة من لَجأ غليه فَهُوَ فِي حصن حُصَيْن وَلَو بَقِي إِلَى آخر الدَّهْر لَا يُوصل إِلَيْهِ حَتَّى يُوصل إِلَى نَفسه وَكَانَ عِنْده فِي متسع من الْمَكَان وإدرار من الْإِمْكَان وَكَانَت رعايا فِي ظلّ عدله آمِنين لم يعرف عَنهُ أَنه صادر أحدا وَلَا تعقبه بإساءة وَكَانَ أَصْحَابه وَمن يخْتَص بِهِ يودعون أَمْوَالهم وذخائرهم فِي خزانته ويتباهون بكثرتها وَلم يقل عَنهُ أحد إِنَّه واخذ أحدا بقديم إساءة حقداً وَكَانَ أَصْحَابه يكثرون إدلالهم عَلَيْهِ أَكثر من أَوْلَاده وَأَهله وَكَانَ محبباً إِلَى رَعيته فيحكى أَن السُّلْطَان ملكشاه اجتاز مرّة بقنطرة الهاسي حِين قصد الْكُوفَة فَلم يكلمهُ أحد من الْعَامَّة فَقَالَ لمن حوله مَا من بلد دَخلته إِلَّا ويتظلم إِلَيّ