إِلَى أَن تمّ لَهُ أَن اشْترى دَارا إِلَى جَانب الْمَسْجِد من أقرب الدّور إِلَى الْقَبْر لَيْسَ بَينه وَبَين الْقَبْر إِلَّا حَائِط وَطَرِيق وَأوصى أَن يدْفن فِيهَا وَقرر عِنْد الْأَشْرَاف ذَلِك فَأَجَابُوهُ
فَلَمَّا مَاتَ حمل تابوته من مصر إِلَى الْحَرَمَيْنِ وَخرج الْأَشْرَاف من مَكَّة لتلقيه والنيابة فِي حمله إِلَى أَن حجُّوا بِهِ وطافوا بِهِ ووقفوا بِهِ بِعَرَفَة ثمَّ ردُّوهُ إِلَى الْمَدِينَة ودفنوه فِي الدَّار الَّتِي اشْتَرَاهَا
وَحضر جنَازَته القَاضِي الْحُسَيْن بن عَليّ بن النُّعْمَان وقائد القواد وَسَائِر الأكابر وَدفن فِي)
مجْلِس بداره الْمَعْرُوفَة بدار الْعَامَّة
وَقَالَ المسجي أَنه لما غسل جعل فِي فِيهِ ثَلَاث شَعرَات من شعر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ ابتاعها بمالٍ عَظِيم وَكَانَت عِنْده فِي درج ذهب مختومة الْأَطْرَاف بالمسك وَأوصى بِأَن تجْعَل فِي فِيهِ إِن هُوَ مَاتَ فَفعل بِهِ ذَلِك
وَقَالَ الشريف مُحَمَّد بن أسعد بن عَليّ الجواني الْمَعْرُوف بِابْن النَّحْوِيّ كَانَ الْوَزير يهوى النّظر إِلَى الحشرات من الأفاعي والحيات والعقارب وَأم أَرْبَعَة وَأَرْبَعين وَمَا يجْرِي هَذَا المجرى وَكَانَ فِي دَاره الَّتِي تقَابل دَار الشنكاتي قبل قاعة لَطِيفَة مرخمة فِيهَا سلل الْحَيَّات وَلها قيم وفراش وحاوٍ من الحواة مستخدمون برسم الْحَيَّات وَنقل سلل الْحَيَّات وحطها وَكَانَ كل حاوٍ فِي مصر وأعمالها يصيد لَهُ مَا يقدر عَلَيْهِ من الْحَيَّات ويتباهون فِي ذَوَات الْعجب من أجناسها وَفِي الْكِبَار وَفِي الغريبة مِنْهَا وَكَانَ يثيبهم على ذَلِك أجلّ ثَوَاب ويبذل لَهُم الجزيل حَتَّى يجتهدوا فِي تَحْصِيلهَا وَكَانَ لَهُ وَقت يجلس فِيهِ على دكة مُرْتَفعَة وَيدخل المستخدمون والحواة فَيخْرجُونَ مَا فِي السلل ويطرحونه على ذَلِك الرخام ويحرشون بَين الْهَوَام وَهُوَ يتعجب من ذَلِك ويستحسنه فَلَمَّا كَانَ ذَات يَوْم أنفذ إِلَى ابْن الْمُدبر الْكَاتِب
وَكَانَ من كتاب أَيَّامه ودولته وَهُوَ عَزِيز عِنْده ويسكن فِي جواره يَقُول لَهُ فِي رقْعَة بإنه لما كَانَ البارحة وَعرض الحواة الحشرات الْجَارِي بهَا الْعَادَات انساب إِلَى دَاره مِنْهَا الْحَيَّة وَذَات القرنين الْكُبْرَى والعقربان الْكَبِير وَأَبُو صوفة وَمَا حصلوا لنا بعد عناء ومشقة وَجُمْلَة بذلناها للحواة نَحن نأمر الشَّيْخ وَفقه الله بالتوقيع إِلَى حَاشِيَته وصبيته بصون مَا وجد مِنْهَا إِلَى أَن ننفذ الحواة لأخذها وردهَا إِلَى سللها
فَلَمَّا وقف ابْن الْمُدبر عَلَيْهَا قلب بالرقعة وَكتب أَتَانِي أَمر سيدنَا الْوَزير أدام الله نعْمَته وحرس مدَّته بِمَا أَشَارَ إِلَيْهِ من أَمر الحشرات وَالَّذِي اعْتمد عَلَيْهِ فِي ذَلِك أَن الطَّلَاق يلْزمه ثَلَاثَة إِن بَات هُوَ أَو أحد من أَوْلَاده فِي الدَّار السَّلَام
٣ - (الْأَمِير ابْن فلاح)
جَعْفَر بن فلاح الْأَمِير
وَالِي دمشق من قبل الْمعز صَاحب مصر
وَهُوَ أول أميرٍ وَليهَا لبني عبيد وَكَانَ قد خرج الْمَذْكُور مَعَ الْقَائِد جَوْهَر وَفتح مَعَه مصر ثمَّ)