(خلونا بهَا تَنْفِي القذى عَن عيوننا ... بلؤلؤة مَمْلُوءَة ذَهَبا سكبا)
(وملنا لتقبيل الثغور ولثمها ... كَمثل جنَاح الطير يلتقط الحبا)
قَالَ الأيبوردي هَذَا أحسن من قَول ابْن المعتز من المنسرح
(كم من عناقٍ لنا وَمن قبل ... مختلسات حذار مرتقب)
(نقر العصافير وَهِي خائفة ... من النواطير يَانِع الرطب)
قلت مقَام ابْن المعتز غير مقَام ابْن رَشِيق لِأَن ابْن رَشِيق ذكر أَنه فِي لَيْلَة أمنٍ وَهِي عِنْده من حَسَنَات الدَّهْر فَلهَذَا حسن تَشْبِيه التَّقْبِيل مَعَ الْأَمْن بالتقاط الطير الْحبّ لِأَنَّهُ يتوالى دفْعَة بعد دفعةٍ وَأما ابْن المعتز فَإِنَّهُ كَانَ خَائفًا يختلس التَّقْبِيل ويسرقه كَمَا يفعل العصفور فِي نقر الرطب اليانع لِأَنَّهُ يقدم جازعاً خَائفًا من الناطور فَلَا يطمئن فِيمَا يلتمسه أَلا ترى الآخر كَيفَ)
قَالَ فَأحْسن من مجزوء الوافر
(أقبله على جزعي ... كشرب الطَّائِر القزع)
(رأى مَاء فواقعه ... وَخَافَ عواقب الطمع)
وَمن شعر ابْن رَشِيق من مجزوء الْكَامِل قد حلمت مني التجارب كل شَيْء غير جودي أبدا أَقُول لَئِن كسبت لأقبضن يَدي شَدِيد حَتَّى إِذا أثريت عدت إِلَى السماحة من جَدِيد إِن الْمقَام بِمثل حَالي لَا يتم مَعَ الْقعُود
(لَا بُد لي من رحْلَة ... تدني من الأمل الْبعيد)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(معتقةٌ يَعْلُو الْحباب متونها ... فتحسبه فِيهَا نثير جمان)
(رَأَتْ من لجينٍ رَاحَة لمديرها ... فطافت لَهُ من عسجدٍ ببنان)
وَأخذ الْأَدَب ابْن رَشِيق من أبي عبد الله مُحَمَّد بن جَعْفَر الْقَزاز القيرواني النَّحْوِيّ وَغَيره من أهل قيروان
٣ - (الْحَافِظ العسكري الْمصْرِيّ)
الْحسن بن رَشِيق أَبُو محمدٍ العسكري عَسْكَر مصر