وَطلب مني المقامات الجَزَرية ليقف عَلَيْهَا فجهّزتها إِلَيْهِ فَأَعَادَهَا وَقد كتب عَلَيْهَا بِخَطِّهِ يَقُول الفقيرُ إِلَى الله تَعَالَى عليّ بن مُحَمَّد بن أبي الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن فَرِحُونَ اليَعمَري الْمدنِي عَفا الله عَنهُ لما نظرت مقامات الجَزَري رَأَيْت ألفاظها حوشيّة وحُلَل أسجاعها غير مطرَّزة وَلَا موشيّة لم يَسْقِ روضها ماءُ البلاغة المستعذَب فَمَا أنبتت أرضُها زهرَ اللَّفْظ المهذَّب وَمَعَ هَذَا فطالما كلَّف نَفسه قيها وعذَّب وَعِنْدِي أَن من لم يستحسن كذبَها لم يُكَذَّب
(ظنَّ الفصاحةَ فِي الْغَرِيب فأثَرَهْ ... فَلَكَمْ لَهُ من فِقرة هِيَ فاقِرهْ)
(قَرَحَتْ قريحتهُ وفاتَ قبولُها ... يَا كرّةً من بعد ذَلِك خاسِرهْ)
وَقد أثبتُّ مِنْهَا عِنْدِي المقامةَ الأولى ورأيتُ أنَّ ترك مَا سواهَا أولى
(إذِ الأسلوبُ فِي الْمَجْمُوع واحِدْ ... وَلَيْسَ على كتَابَتهَا مُساعِدْ)
وبلغتني وَفَاته بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة فِي سنة ستّ وَأَرْبَعين وَسبع مائَة
٣ - (التهامي الشَّاعِر)
عَليّ بن مُحَمَّد بن فَهد أَبُو الْحسن التهامي الشَّاعِر وَهُوَ من الشُّعَرَاء الْمُحْسِنِينَ المجيدين أَصْحَاب الغوص مولده ومنشؤه بِالْيمن وطرأ على الشَّام وسافر مِنْهَا إِلَى الْعرَاق والى الْجَبَل وَلَقي الصاحب بن عبَّاد وَقَرَأَ عَلَيْهِ وَانْتَحَلَ مَذْهَب الاعتزال وَأقَام ببغداذ وروى بهَا شعره ثمَّ عَاد إِلَى الشَّام وتنقَّل فِي بلادها وتقلَّد الخطابة بالرّملة وتزوَّج بهَا وَكَانَت نَفسه تحدّثه بمعالي الْأُمُور وَكَانَ يكتم نَسَبَه فَيَقُول تَارَة إنَّه من الطالبيِّين وَتارَة من بني أميَّة وَلَا يتظاهر بشيءٍ من الأَمرين وَكَانَ متورِّعاً صَلِفَ النَّفس متقشِّفاً يطْلب الشَّيْء من وَجهه وَلَا يُريدهُ إلَاّ من حِلِّه نسخ شعر البحتري فَلَمَّا بلغ أبياتاً فِيهَا هجوٌ امْتنع من كتبهَا وَقَالَ لَا أُسطِّر بخطِّي مثالبَ النَّاس وَكَانَ قد وصل إِلَى الديار المصرية مستخفياً وَمَعَهُ كتبٌ كَثِيرَة من حسَّان بن مفرّج بن دَغْفَل البدوي وَهُوَ متوجِّه إِلَى بني قُرَّة فظفروا بِهِ فَقَالَ أَنا من)
تَمِيم فلمَّا انْكَشَفَ حَاله عُلم أَنه التهامي الشَّاعِر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute