(فثوبي والمدام ولون خدي ... قريبٌ من قريبٍ من قريب)
وَمن شعر النامي يصف مَنَارَة سرَّ من رأى
(سامية فِي الجوّ مثل الفرقد ... قَاعِدَة فِيهِ وَإِن لم تقعد)
(يكَاد من تحويه إِن لم يبعد ... يغْرف من حَوْض الْغَمَام بِالْيَدِ)
وَقَالَ ابْن بابك يهجو النامي
(تقدَّم النّامي ولكنّه ... تَأَخّر فِي زيّ تَقْدِيم)
(معلّم فِيهِ قويقيّة ... أغبس مبيضّ المقاديم)
(قد سوّد الإثمد آماقه ... تسويد أَبْوَاب المآتيم)
(إِذا اسْتَدَارَ الْكحل فِي جفْنه ... أشبه إلاّ مقلة الريم)
(مَا ضرّ من لقّبه نامياً ... لَو قدّم الْيَاء على الْمِيم)
وَقَالَ أَبُو عبد الله الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن الصَّقْر الْكَاتِب كَانَ أَبُو الْعَبَّاس النامي بطيء الخاطر سديد القَوْل إِذا أَرَادَ أَن يعْمل شعرًا خلا خلْوَة طَوِيلَة أَيَّامًا وليالي فَإِن نطقت فِي دَاره جَارِيَة أَو غُلَام كَاد يقْتله وَانْقطع خاطره وَإِذا أَرَادَ أَن يعْمل قصيدة جمع جَمِيع مَا للْعَرَب والمحدثين من الشّعْر على وزن تِلْكَ القصيدة وَجعله حوله وَنظر فِيهِ حَتَّى يجتلب مَعَانِيه وَكَانَت ترْتَفع لَهُ القصيدة فِي سَبْعَة أشهر أَو أَكثر وتحدث الْحَادِثَة عِنْد سيف الدولة من فتح أَو هدّية أَو قصَّة أَو عيد أَو غير ذَلِك فَيعْمل الشُّعَرَاء وينشدونه فِي الْحَال أَو بعد يَوْم أَو يَوْمَيْنِ فَإِذا كَانَ بعد ثَلَاثَة لأشهر أَو أَرْبَعَة أَو سَبْعَة أَو أَكثر بِحَسب مَا ترْتَفع إِلَيْهِ جَاءَ واستأذنه فِي الْإِنْشَاء فيكايده سيف)
الدولة وَيَقُول لَهُ فِي أيّ فتح وَأي قصَّة وَلَا يزَال بِهِ ويريه أَنه أنسي تِلْكَ الْحَال لبعدها توبيخاً إِلَى أَن يكَاد يبكي فَيَقُول نعم هَاتِهَا الْآن وربّما اغتاظ لطول الْعَهْد وَخُرُوج الزَّمَان عَن الحدّ فَلَا يَأْذَن لَهُ أصلا قَالَ وَكنت قَائِما بَين يَدي سيف الدولة وَقد ولد لَهُ ولد قبل ذَلِك بسبعة أشهر فجَاء النامي فاستأذنه فِي إنشاد تهنئة بالمولود فَقَالَ لَهُ سيف الدولة يَا أَبَا الْعَبَّاس الصبيّ قد حَان لنا أَن نسلمه إِلَى الكتّاب فَمَا زَالَ يضرع لنا إِلَى أَن أذن لَهُ فأنشده قَالَ وَقَالَ لي النامي كنت البارحة أعمل شعرًا فصقع ديك فَانْقَطع خاطري
٣ - (أَبُو بكر الْفَقِيه الْخلال)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن هَارُون أَبُو بكر الخلاّل الْفَقِيه